قال الله عز وجل:{فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض، وتقطعوا أرحامكم}. فجعل قطع الرحم من الإفساد في الأرض، ثم ذلك الأخبار، بأن ذلك من حيث عليه لعنة، الانتفاع بسمعه وبصره، فهو سمع دعوة الله وتبصر آياته وبياناته. فلا يجب الدعوة ولا ينقاد للحق كأنه لم يسمع ولم يقع من الله البيان، وجعله كالبهيمة أو أسوأ حالًا منها، فقال:{أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم. وقال في الواصل والقاطع: {إنما يتذكر أولوا الألباب، الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق، والذين يصلوا ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب، والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرًا وعلانية، ويدرأون بالحسنة السيئة، أولئك لهم عقبى الدار} إلى آخرها: {والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار}.
فقرن وصل الرحم وإيتاء الزكاة لوجهه، وجعل ذلك كله من فعل أولي الألباب، ثم وعد به الجنة وزيارة الملائكة إياهم فيها وتسليمهم عليهم وحدهم لهم. وقرن قطيعة الرحم بنقض عهد الله والإفساد في الأرض ثم أخبرنا بأن لهم عند الله اللعنة وسواء المنقلب. فثبت بالآيتين ما في صلة الرحم من الفضل، وفي قطعها من الوزر والإثم. وقال عز وجل:{قل لا أسألكم عليه أجرًا إلا المودة في القربى}. وقيل في تفسير ذلك وجهان: