للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السادس عشر من شعب الإيمان

- وهو باب في شح المرء بدينه -

متى يكون القذف في النار أحب إليه من الكفر؟ وذلك لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ثلاث من كن فيه فقد وجد حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، والرجل يحب القوم، لا يحبهم إلا لله عز وجل، والرجل إن قذف في النار كان أحب إليه من أن يرجع يهوديًا أو نصرانيًا).

فأبان صلى الله عليه وسلم بهذا الخبر أن للشح بالدين من الإيمان، لن ذكره الحلاوة وليس الإيمان مما يطعم، دليل على أنه ضرب الحلاوة مثلاً للإيمان، وأراد أن الشحيح بدينه كالمتطعم للشيء الحلو فكما -أي الراغب في الحلو- لا يجد حلاوته فيلتذ بها إلا بتطعمها، كذلك الراغب في الإيمان لا يسلم مقصودة منه، إلا بأن يكون شحيحًا به، فإنه إذا شح بالإيمان لم يأت ما يفسده عليه، كما أن من وجد حلاوة الحلو لم يأت بما يبطلها عليه والله أعلم.

ويأتي في هذا الباب ما اقتصه الله تعالى من خبر شعيب النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال له قومه:} لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا. قال أو لو كنا كارهين، قد افترينا على الله كذبًا، إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها، وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا، وسع ربنا كل شيء علمًا، على الله توكلنا، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين {.

فإن في الجواب عدة معاني مرجعها كلها إلى الشح بالدين:

<<  <  ج: ص:  >  >>