للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السادس من شعب الإيمان

وهو باب في الإيمان بالله واليوم الآخر

ومعناه التصديق بأن لأيام الدنيا أخرى، أي أن الدنيا متصفة وهذا العلم يوماً ينتقص صنعه، وينحل تركيبه في الإعتراف بانقضائه إعتراف بإبدائه، لأن القديم لا يغني ولا يتغير، وفي اعتقاده وانشراح الصدر به، ما يبعث عن فضل الهبة من الله تعالى وقلة الركون إلى الدنيا والتهاون بأحزانها ومصائبها والصبر عليها، وعلى مضض الشهوات إحتساباً وثقة بما عند الله تعالى من حسن الجزاء والثواب، وقد ذكره الله عز وجل في كتابه، فقال: {ومن الناس من يقول آمنا بالله واليوم الآخر وما هم بمؤمنين}.

وقال: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر}، إلى غير ذلك من آيات سواها.

ومن أنكر اليوم الآخر، فكأنما أنكره من حيث أن الأفلاك ليست بمحدثه، وأن العناصر وهي الماء والتراب والهواء والنار ليست بمحدثه، كان أهم ذلك إلى أن أنكروا فناءها واقتصاصها، وللمسلمين عليهم في نقض أصولهم، وإفساد مقالاتهم، وإبانة ان كل ما سوى الله فهو صنعه، فلا قديم عليه ما لا يبقى لمتأمله بعد وقوعه عليه موضع شبهة بإذن الله وتوفيقه.

وقد كتبنا في الشعبة الأولى من أطراف ذلك ما أمكنا أن تقع به الكفاية، وإذا ظهر أن كل ذلك حدث، فأمره إلى محدثه بنفيه ما شاء ويديم له هباته المشاهدة له ما يشاء. فإن أراد إفناءه أو تغيير كله أو بعضه لم يعجزه، فإنه القادر على ما يشاء والفعال لما يريد.

وقد أخبر عز وجل على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم أنه مفنى على وجه الأرض ومبدل الأرض غير الأرض، وأن الشمس تكور، وأن البحار تسجر، والكواكب تنثر فيذرها قائمة

<<  <  ج: ص:  >  >>