صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً، وكل ذلك كائن على ما جاء به الخبر، وعد الله صدق وقوله حق. وأما ما وراء ذلك مما لم يخبر الله عز وجل عنه بشيء، فأمره إليه، وهو أعلم بما هو فاعله.
ولا ينبغي لنا أن نتكلم فيه بشيء لأن القول على كل حال يغير علم حرام، فالاجتراء به على الله جل ثناؤه أشد وأولى بالحرمة. أغني بهذا إن سائل سأل: أن السماء إذا طويت والشمس إذا كورت أو الكواكب إذا انتثرت، أو عن الأرض بعد ركوب الناس الصراط وفراغها منهم، ماذا يكون من أمرها بعد ذلك؟ لم يكن له جواب يمكن القطع به، والأولى بالمسؤول أن يقول: كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم للذي سأله عن الساعة: (ما المسؤول عنها بأعلم من السائل).
فإن مثل هذا لا يدرك إلا بخبر ولم يأتنا في هذه الأبواب عن الله جل ثناؤه خبر إلا أن في الجمله يخبرنا بانتقاض الأجسام، فإن أراد الله تعالى أفناها وحبس البقاء عنها، وفعل ذلك بها، وإن أراد غير ذلك فله الحق والأمر يفعل ما يشاء ويحكم ما يرد، وهو على كل شيء قدير.
فصل
إن سأل سائل عن تفسير الساعة التي تكرر ذكرها في القرآن، قيل: الساعة على وجهين: أحدهما الساعة الأخيرة من ساعات الدنيا، والأخر الساعة الأولى من ساعات الآخرة، قال الله عز وجل:{يسألونك عن الساعة أيان مرساها، قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السموات والأرض} فهذا على الساعة الآخرة لقوله تعالى: {لا تأتيكم إلا بغتة}.
وكذلك قوله:{يسألك الناس عن الساعة} فهو على الساعة الأولى من ساعات الآخرة، وهو حين يبعث من في القبور لقوله تعالى:{يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة}.