إذا مرجوا وفسدت ذات بينهم، أما لدم أريق وإما لمال خطير أصيب لبعضهم، وإما لتنافس وقع بينهم أو غير ذلك من الأسباب التي تفسد الأخوة وتقطع المودة. قال الله عز وجل:{لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس}. وقال:{إنما المؤمنون إخوة، فأصلحوا بين أخويكم} أي بين كل اثنين منهم، ومن قرابين أخويكم، فالمعنى بين جماعتهم إذا فسد ما بينهم. وقال:{وأن امرأة خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضًا، فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحًا والصلح خير}. وقال {وأن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله، وحكمًا من أهلها، إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما}.
وأباح رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن يحمل حالة في صلاح ذات البين أن يأخذ من الصدقات ما يستعين به على قضاء دينه، فإن لم يكن فقيرًا، وذلك راجع إلى الترغيب في الإصلاح، وتخفيف الأمر على القائمين به، ليكون تخفيفه عليهم مبعثه لهم في الدخول فيه. وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري: ردد الخصوم حتى يصطلحوا، فإن فضل القضاء يورث بينهم الضغائن. فدل جميع ما ذكرنا على استحباب الصلح بين المسلمين إذا تشاجروا. ومعنى ذلك ظاهر، وهو أن المسلمين مأمورون بالتظاهر والتعاون والاجتماع على الصلوات وفي الأعياد والجهاد في سبيل الله، فإذا بعد ذات بينهم تقاطعوا، ولم يجتمعوا على الصلوات، ويحزنوا عن الجهاد، ولم يضع بعضهم زكاة ماله في بغض وفي