هذا زوال الأمر عن نظامه، وذهاب الدين عن قوامه، ولا يؤمن أن يترامى إلى تجريد السيوف من بعضهم على بعض، ومفارقة الإمام، وتعطيل الحدود والأحكام. وما كان مآله إلى هذا الفساد، فحسم مادته في الابتداء من أوجب الأمور وألزم الفروض، وبالله التوفيق.
فصل
وإذا كان إصلاح ذات البين مهمًا، فسد واجبًا، فمن البين أن ترك الإفساد بين الناس باحتساب القائم واتقاء التضارب، والتحريش بينهم أوجب وألزم. جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم:(من جاء إلى أمر أمتي وهو جميع، ففرقه، فعليه لعنة الله ولعنة الملائكة والناس أجمعين).
وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:(لا يدخل الجنة قتات) وهو النمام. وذم الله عز وجل السحرة بقوله:{فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه}. وهذا لأن الزوجين عقدا بينهما بكلمة الله تعالى عقدًا يراد به التآلف والتعاشر على التأييد. فمن فرق بينهما فقد خالف بهما عن قصدهما مع ما كان فيه من الصلاح، أو بقاء العالم بالتناسل. وتناسل الناس لا يكون إلا في الزوجة أو ملك اليمين. فإذا حصلت الزوجية التي هي أمانة الله تعالى، ومعقودة بكلمة الله تعالى سالمة عما يكدرها من الشوائب فأفسدها على الزوجين فسد بكيده ومكره، فإنما يثلم من أركان الصلاح ركنًا، ويفتح من أبواب الفساد بابًا، فاستحق لذلك أن يكون مذمومًا. وإذا كان هذا مذمومًان فمن سعى بالإفساد بين طائفة من المسلمين أولى بالذم، وبالله التوفيق.