ووجه التقرب إلى لله عز وجل: فقد أوجبه الله تعالى في الكفارات، كما أوجب الإطعام والكسرة والصيام، وأوجبه في فدية النفوس إذا قتلت بظلم. فدل ذلك على أنه مما يتبرر به، ويتقرب إليه عز اسمه به من غير ما جناية، يتقدم كما يتبرر بنظائره التي ذكرناها من غير جناية تتقدم. وقال عز وجل:{فلا اقتحم العقبة، وما أدراك ما العقبة، فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة، يتيمًا ذا مقربة أو مسكينًا ذا متربة، ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة}. وقوله فلا اقتحم العقبة كلام إنكار واستبطاء وهو كقوله {فلا اقتحم العقبة} يعني عقبة البار التي قال الله عز وجل فيها {سأرهقه صعودًا} أي هلا عمل ما يسهل عليه اقتحامها.
ويحتمل أن يكون المراد بالعقبة جميع ما هو مستقبله من البعث والحساب والجزاء الذي لا يدري أيكون بالحسنى أو الشر، أي كما يقول القائل لغيره: بيني وبين هذا الأمر عقاب، إذا كان بعيدًا المدرك متعذرًا لظفر. ثم إن المسهل لاقتحام العقبة ما هو؟ فذكر: فك رقبة، وإطعام المحتاج فدل ذلك على أن كل واحد منهما بر وقربة.
ثم روي عن النبي صلى الله عليه وسلم إن رجلًا قال له: يا رسول الله، دلني على عمل يدخلني الجنة؟ فقال:(اعتق الرقبة وفك النسمة. فقال الرجل: أليسا يا رسول الله واحدًا. فقال: إعتاق الرقبة أن ينفرد لعتقها، والنسمة أن يعين في ثمنها). فلو لم ينصص النبي صلى الله عليه وسلم على أمره بالعتق، في جواب ما سأله عنه من عمل يدخله الجنة، واقتصر على أمره بفك