للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخامس والستون من شعب الإيمان

وهو باب في تشميت العاطس

روي ذلك في الحديث الذي قيل له (حق المسلم خمس) فذكر منها أن تشميته إذا عطس ونص بالتشميت بالآخر. فسئل عن ذلك فقال: إن هذا حمد الله، وهذا لم يحمد الله. ويقال: أن الأصل في ذلك ما ذكره وهب في كتابه في بدء الخلق: إن أبانا آدم صلوات الله عليه كان مصورًا من فخار، فلما نفخ الله تعالى فيه الروح وجعله بشرًا عطس. فقال له: قل الحمد لله. فقالها. فقال له: يرحمك الله، أو يرحمك ربك.

ومعنى حمد الله عند العطاس، أن العطاس دفع للأذى من الدماغ الذي فيه قوة الذكر والفكر، ومنه منشأ الأعصاب التي هي معدن الحس والحركة وسلامتها تكون سلامة الأعضاء، والتواصل بكل شيء منها إلا ما خلق له. فإن تيسر ذلك فإنما هو نعمة جليلة، وفائدة عظيمة. فلا تقل من أن نعرف قدرها بالحمد لله عز وجل. وفيه مع ذلك اعتراف له بالخلق والتدبير وإضافة ما يقدر منه إليه، لا إلى الطباع كما يقوله الملحدون. فكان مما تحق المحافظة عليه هذا المعنى.

وإذا عطس فحمد الله عز وجل، فإن اتبع ذلك، الصلاة على المصطفى صلى الله عليه وسلم فحسن. لأنه لو يعلم سنة الحمد عند العطاس إلا من جهته وعلى لسانه. فإن قضى حقه في ذلك الموضع بالصلاة عليه كان ذلك أحسن، وأولى به من أن يغفل عنه. وإذا حمد العاطس ربه عز وجل كان تشميته أن يقال: يرحمك الله. فإذا قيل له ذلك، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه كان إذا عطس، فقيل له: يرحمك الله قال: يهديكم الله. وجاء: يهديكم الله

<<  <  ج: ص:  >  >>