للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويصلح بالكم. وجاء أنه أمر العاطس والمشمت بما قلنا. وقيل: إنما قال ذلك ليهودي فأسلم، فما قيل بعد ذلك.

وجاء عن ابن مسعود- رضي الله عنه-: يغفر الله لك أو لكم. وتقدير العاطس، إذا شمت كتقدير من دخل مجلس رجل فسلم عليه. فكما أنه يؤمن لا السلام عليه فكذلك المشمت يؤمن بأن يجيب عن التشميت بمثله.

فإن قيل: فإن رد السلام سلام، فلم لا كان جواب التشميت كالتشميت؟

قيل: لأن السلام كلام الإيمان وجواب الإيمان إيمان. وتشميت العاطس دعاء له، ومن دعاء له بدعاء فأجاب، لم يؤخذ عليه أن يدعو بنفس ما دعي له به. وإنما كان دعاء التشميت ما ذكروا، كان أنواع البلاء والآفات كلها مؤخذات يؤاخذ الله تعالى بها عباده. وإنما تكون المؤاخذة بالذنوب. فإذا حطت مغفورة، وأدركت العبد رحمة الله تعالى، لم تقع المؤاخذة، فلهذا قيل للعاطس: يرحمك الله، أو يغفر الله لك. أي جعل ذلك لك لقدوم السلامة والصحة لك.

وقد يحتمل أن يكون التشميت وجوابه كالسلام ورده. ويحتمل أن يكونا جميعًا سنتين، لأن التشميت دعاء، فهو كالدعاء للمريض، ودعاء التهنئة بالولد. وليس جواب ذلك بفرض. والسلام كلام إيمان فاقتضى ردًا، لأن ترك الجواب عنه يوهم المخالفة. وإذا عطس رجل في الصلاة فقال: الحمد لله جاز. فإن سمعه من ليس في صلاة قال: اللهم ارحمه، ولا يقول: يرحمك الله. لأن هذا خطاب، ولا يخاطب من لا يخاطب. فأي واحد من هذين قال له. فإذا فرغ أجابه. وإذا سمع من هو في صلاة سكت عنه حتى يفرغ ثم يشمته. وإن قال وهو في الصلاة: اللهم ارحمه، أو اللهم اغفر له، جاز. وإن قال: يرحمك الله وعلم أن ذلك لا يصلح في الصلاة فسدت صلاته. وإن ظن أنه يصلح فيها لم يفسد، ويشمت العاطس إذا حمد الله تعالى ثلاث. فإذا جاوزها لم يشمت وذلك من الزكام.

وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لرجل شمت عاطسًا عنده ثلاث مرات فلما أراد أن يشمته في الرابعة قال له: دعه، فإنه مصوك.

<<  <  ج: ص:  >  >>