للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السابع والخمسون من شعب الإيمان

وهو باب في حسن الخلق

ودخل في هذا كظم الغيظ ولين الجانب والتواضع. ومعنى حسن الخلق: سلامة النفس نحو الأرضي الأحمدي من الفعال. وقد يكون ذلك في ذات الله تعالى، وقد يكون فيما بين الله وهو في ذات الله عز وجل أن يكون العبد منشرح الصدر بأوامر الله ونواهيه يفعل ما فرض الله طيب النفس سلسًا نحوه. وينتهي عما حرم عليه واسعًا به غير متضجر منه ويرغب في نوافل الخير، ويترك كثيرًا من المباح لوجه الله تعالى إذا رأى أن تركه إلى العبودة من فعله متبشرًا لذلك غير ضجر منه ولا متعسر. وهو في المعاملات بين الناس أن يكون سمحًا بحقوقه لا يطالب غيره بها ويوفي ما يجب لغيره عليه منها.

فإن مرض فلم يعد، أو قدم من سفر فلم يزر، أو سلم فلم يرد عليه، أو ضاف فلم يكرم، أو يشفع فلم يجب، أو أحسن فلم يشكر، أو دخل على قوم فلم يمكن له، أو يتكلم فلم ينصت له، أو استأذن على صديق فلم يؤذن له، أو خطب فلم يزوج، أو استمهل الدين فلم يمهل، أو استنقض منه فلم ينقض، وما أشبه ذلك. فلم يغضب، ولم يعاقب ولم يتنكر من حاله حال، ولم يستشعر في نفسه أنه قد جفى وأوحش، وأنه يقابل كل ذلك إذا وجد السبيل إليه بمثله، بل يضمر أنه لا يعتد بشيء من ذلك. ويقابل كلامه بما هو أحسن وأفضل وأقرب إلى البر والتقوى، وأشبه بما يحمد ويرضى. ثم يكون في اتقاء ما يكون عليه كهو في حظه ما يكون له. فإذا مرض أخوه المسلم عاده، وإن جاءه في شفاعة شفعه، وإن استمهله لقضاء دين أمهله، وإن احتاج منه إلى معاونة أعانه، وإن استسمحه في بيع سمح له، ولا ينظر إلى الذي يعامله كيف كانت معاملته إياه فيما خلا، أو كيف يقابل الناس، إما يتخذ الأحسن إمامًا لنفسه فينحو نحوه ولا يخالفه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>