المراد بقوله صل من قطعك من ذوي الأرحام، أو يكون عامًا لهم، وأخبرهم: وأيهما يتهيأ صلة القاطع أن يستعفى إن كان مظلومًا، ويعفى عنه إن كان ظالمًا.
فأما الصدفة، فقد جاء فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم، سئل عن أفضل الصدقة قال:(الصدقة على ذي الرحم الكاشح). وإنما قال ذلك- والله أعلم- لأنها صدقة وعقوق صلة رحم فهي ثلاث قرب. وأما السلام فقد جاء فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(بادروا أرحامكم ولو بالسلام) والمعنى صلوا أرحامكم. كأنه جعل وصلوا الرحم كسكين الحدادة بالماء.
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما نزل قوله تعالى:{وأنذر عشيرتك الأقربين} قال: (يا فاطمة، اشتري نفسك من الله، فإني لا أغني عنك من الله شيئًا، غير أن لك رحمًا فصلاها صلاها). فيحتمل أن يكون معنى ذلك تحصينها بفضل الدعاء لها. وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(استوصوا بالقبط خيرًا فإن لي فيهم رحمًا) وإنما أراد بذلك أن جاريته أم ابنه إبراهيم، وهي (مارية) كانت قبطية، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حق الرحم الذي كان له بهذا الأمر. وأبان أن حق الرحم لا يضيع، قويًا كان أو ضعيفًا. لأن إدلاء عامة القبط بأن مارية كانت ذات رحم بابن النبي صلى الله عليه وسلم إدلاء يحق بعبد، وليس في القوة كالأرحام المعروفة. فإذا وجبت المحافظة عليه كانت المحافظة على الحقوق الظاهرة القوية، والقرابات الدانية الأكيدة أوجب وألزم، وبالله التوفيق.