بالأجانب، وأحوجهم من عداد الأقارب، وخص بالخمس بني هاشم وبني المطلب. وقال:(أنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام). ولا شك أنه لم يفعل ذلك إلا بأمر الله عز وجل وأن الله عز وجل لم يأمره بذلك إلا ابتغاء ماله منهم، ولا أمره بضم بني المطلب إلى بني هاشم إلا قوامًا لهم وقضى عنهم حقهم. فعلم بهذا أن سنة أولي الأرحام أن يتواصلوا ويجري كل واحد منهم قريبة وحميمه منزلة نفسه والله أعلم.
وليس يحتاج إلى الإكثار في هذا الباب مع ما كتبناه في إكرام الجار، لأن قرب ذي الرحم أمس وأخص وألزم من الجوار. فإذا وجب للجار على الجار من الحقوق ما سبق ذكرها، فأولى أن تكون تلك وغيرها لازمة للقرب القريب. فينبغي إذا كان في أهل بيت شيخ أو عالم أو المشار إليه بالعقل والدين، أن يعرف الجماعة حقه بالتوقير والزيارة والرجوع إلى رأيه، والقبول لخطابه ونصائحه، وابتدائه بالسلام إذا لقوه، لأنه يروى في الحديث مرفوعًا (الشيخ في قريبه كالنبي في أمته)، وأن يواسوه بالمال إن كان أرق حالًا منهم، ويصوبوا قدره في المبذل، وإتيان ما يزوى به. وإن كان في أهل البيت محاويج وأغنياء، فلا ينبغي للأغنياء أن يضيعوا المحاويج. وينبغي أن يعولوهم كما كان العباس يعول جماعة بني المطلب لغناه وحاجتهم، وإن لم يعولوهم آثروا بصدقاتهم ومعروفهم. ومن كان منهم مرضى بعده يعطيه، فليقدم بها قرابته. وإن رأى أحدًا منهم أظهر قطيعة لم يزل وراءه يزيده برًا وصلة حتى يرجع إلى الوصل الذي آثره الله به. وإن تقاطع منهم اثنان، فلا ينبغي لأحدهما أن ينتظر فيه للآخر، وليحرص كل واحد منهما على أن يكون ابتداء البر والوصل منه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا يحل المسلم أن يهجر أخاه فوق الثلاث، وخيرهما الذي بدأ بالسلام أو بالكلام).
وجاء في قوله تبارك وتعالى {خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين} قال: (صل من قطعك وأعط من حرمك واعف عمن ظلمك). والأشبه أن يكون