ومعلوم أن من دعي إلى الإيمان، فأجاب إليه فإنه لا يأتي به إلا شيئاً فشيئاً، لأنه يبدأ مؤمناً بالله ثم نبيه صلى الله عليه وسلم، ثم اتصل ذلك بما ينبغي أن يصل به، وكما يوقف الإيمان بالله على الإيمان بالرسل في المجلس الواحد، فكذلك يتوقف في العمر لأن الإيمان غير محصور بوقت، فالعمر كله بمنزلة المجلس، فإذا انقضى ولكم يكمل حبط الموجود منه ولم يستوجب صالحة به آخر.
ومعنى ما قلت: أن الله عز وجل لما خطاب الناس بالإيمان، وبلغت عنه الرسل صلى الله عليهم صحت الإجابة إليه بمن سمع الدعوة فأجاب إليه في الحال وممن يسمع غيره مالا، أو يستنكح امرأة، فإن إجابه قبل أن يتفرقا أو يحدثا أو أخذهما ما يشبه التفرق صح الجواب، فإن أجابه بعد التفرق لم يصح، وذلك لأن الدعوة إلى دين الحق من حقها أن تدوم، ولا تكون وقتاً دون وقت، وإن كانت الدعوة ولم تختص بمجال دون حال لم تختص للإجابة إليها مجال دون حال، فكذلك قلنا أن بعض الإيمان شيء واحد، أما ربنا ما نفى عليه تراضى عنه أو تدانى منه وبالله التوفيق.