للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرزق فلا تأمن إن استهلكت المال أن تكون ممن يقدر عليك. وفي هذا ما يبعث على الاقتصاد، ومنع من التقتير الذي دونه الإسراف الذي فوقه والله أعلم.

فإن قيل: ولم كان الاقتصاد في النفقات من الإيمان؟ وهذا من باب تدبير المال! قيل: لأن الإسراف إذا كان ممنوعً كان نزله مما يتقرب به إلى الله عز وجل: والقرب كله إيمان. ولأن الاقتصاد يؤدي إلى معرفة حق المال الذي هو من أصل نعم الله تعالى. والإسراف جهل بقدر نعمة. ولأن المقتصد يجمع بين قضاء حاجته ومن حفظ ماله حتى إذا احتاج إلى مواساة غيره، قدر على مواساته. وإن وقع نفير قدر على الجهاد والإعانة عليه، وأي شيء عرض مما يكون الإنفاق فيه برًا كان منه بما عنده متمكنًا، كان ذلك من باب الاستعداد للبر والتقوى، فذلك في نفسه بره، فلهذا كان من الإيمان والله أعلم.

والاقتصاد في كل أمر أفضل وأجمل من البغي فيه حتى في الحب والبغض، فإنه يروى عن علي رضي الله عنه، وقد رفعه الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أحبب حبيبك هونًا ما ... عسى أن يكون بغيضك يومًا ما

وابغض بغيضك هونًا ما ... عسى أن يكون حبيبك يومًا ما

<<  <  ج: ص:  >  >>