للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: صنعت للنبي صلى الله عليه وسلم فراشين، فأبي أن يضطجع إلا على واحدة. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فراش للرجل وفراش لامرأته، وفراش للضيفة والرابع للشيطان).

وعن الحسن رضي الله عنه، أن عمر رضي الله عنه دخل على عاصم وهو يأكل لحمًا فقال: ما هذا يا عاصم؟ قال: قرمت إلى اللحم، فاشتريت! قال: كلما قرمت إلى اللحم اشتريته، كفى بذلك سرفًا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أنفقتم على أهليكم من غير إسراف ولا إقتار فهو في سبيل الله). وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: للخرق في العيشة أخوف عندي عليكم من العوز، لا يبقى مع الفساد شيء ولا يقل مع الإصلاح شيء. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كيلوا طعامكم يبارك لكم). وارتقى رجل إلى أبي الدرداء وهو في غرفة له، فذهب يدخل فإذا هو به يلقط الحب، فاستحى منه فرجع.

فإن قيل: ما معنى قول الله عز وجل: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملومًا محسورًا، إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر}. والذي سبق إلى القلوب أن العلم بأن الرب مالك الأرزاق وهو الباسط المقدر يتعب العبد على التوسع في الإنفاق على الاقتصاد، بأن الاقتصاد خوف على المال. فإذا لم يكن تدبير الرزق على العبد، بل كان إلى ربه لم يعنه الاقتصاد. فكان التوسع الذي هو أطيب لقلبه وأنعم لعيشه أولى به.

فالجواب: أن معنى ذلك أن ربك ليس يبسط الرزق لكل أحد، ولا يقدره على كل أحد. ولكنه قد يبسط وقد يقدر، فلا تجعل يدل مغلولة إلى عنقك، ولا تنفق شيئًا خيفة الأعسار. فإن ربك قد يبسط الرزق ما نفق، وأمسك أن يبسط رزقك، ثم قال: {ولا تبسطها كل البسط}. فتنفق ما تحتاج إليه فيما لا يحتاج إليه، فإن ربك قد يقدر

<<  <  ج: ص:  >  >>