للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجنة". ولا أعلم من أهل الفتيا خلافا في أن الإيمان قد ينعقد بغير القول المعروف فدل ذلك على أن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "حتى يقولوا لا إله إلا الله" أي يقولوها وما يؤدي معناها، ودل الكتاب على ذلك أيضا لأن الله عز وجل أخبر أن إبراهيم صلوات الله عليه قال لأبيه وقومه: {إني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني} ثم قال: {وجعلها كلمة باقية في عقبه} وليست هذه الكلمة بعينها موجودة في عقبه إنما الموجود فيهم قول: "لا إله إلا الله" فثبت أنه لا فرق بين هذا القول وبين ما يؤدي معناه والله أعلم.

التفريع إذا قال الكافر: آمنت بالله ولم يكن يدين من قبل دينا صار مؤمنا بالله، وإن كان ممن يشرك بالله وغيره لم يكن بهذا القول مؤمنا حتى يقول: آمنت بالله وحده وكفرت بما أشرك به.

قال الله عز وجل: {فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين، فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا} فأخبر أن ذلك إيمان منهم، إلا أهم لم ينفعهم لأجل الحال والوقت. فدل ذلك على أنهم لو قالوه في غير ذلك الوقت أو في غير تلك الحالة لكان مقبولا منهم، وكان أنزل لا إله إلا الله وإن كان كفره من قبل جحده نبوءة نبينا صلى الله عليه وسلم فقال:

"آمنت بالنبي محمد ومحمد النبي كان ذلك كقوله محمد رسول الله كما يكون قوله: "آمنت بالله، كقوله: الله ربي، وإن قال أسلمت لرب العالمين، ولأن الله عز وجل قال: {إن الدين عند الله الإسلام} فمن قال: أسلمت لله، فقد دخل في الإسلام، الذي هو الدين عند الله تعالى وتقبله. فإن قال: أسلمت وجهي لله، فهو كقوله: أسلمت لله.

قال الله عز وجل لنبيه صلوات الله عليه: {فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله}. وقال: {وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم، فإن أسلموا فقد اهتدوا}

<<  <  ج: ص:  >  >>