للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنسان. فقيل لذلك أكرموا عمتكم النخلة، وأن الصائم مندوب إلى الإفطار بالتمر، فكان أولى ما يبدأ بإيصاله إلى الجوف. روى عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بصاع بسر، فقال: {ألم تر كيف ضرب الله مثلًا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها}. فقال: (هي النخلة). {ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار}. وقال: (هي الحنظل). قال شعيب فأخبرت بذلك الغالية، فقال: كذلك كنا نسمع.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: مثل المؤمن كمثل النخلة إن كالسته يفعل. وعن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفطر على التمر، ويحب أن يفطر عليه. وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من جد فليفطر عليه، ومن لم يجد تمرًا فليفطر على ماء، فإن الماء طهور) فإن لم يحضره تمر، فشيء حلو يشبهه، لأن الطبع إلى الشيء الحلو أميل والنفس إليه أبرع. فإذا وقع التحنك منه بقيت نفس الصبي متعلقة به، فيحرك لحيته وحنكه كل وقت نزوعًا منه إلى ما عهده وتوفرت عليه فائدة التحريك التي كانت المقصود من التحنيك والله أعلم. وأما استحباب أن يولى من يرجى خيره وبركته، فلأن أم سليم أخرت تحنيك ولدها ليكون النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يحنك ولدها، وقد علم أنها لم تقصد بذلك إلا أن ينال ولدها خيره وبركته، فيستجيب إذا فاتت مشاهدة النبي صلى الله عليه وسلم أن يتحرى للتحنيك من يرجى للمولود فضل خير وبركة من جانبه إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على أم سليم تأخيرها التحنيك ليكون هو الذي يتولاه، واعلم غرضها. وإنما أراد به من التبرك من اجتماع ريقه وريق ولدها ووصلوه مع التمر الذي يحنكه به إلى جوف صبيها، فأقرها على الأمرين والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>