آمنوا إيمانا، ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون}. فإن سياق الآية يدل على أن المراد بزيادة الإيمان زيادة اليقين.
فالجواب: أن هذا السؤال غير ملائم أصل السائل، لأنه يأبى أن يكون الاعتقاد وحده إيمانا في مبتدئه ولا في دوامه. فلا يصح أن يقول: إن الزيادة التي تخص الاعتقاد زيادة إيمان، بل ينبغي له أن يقول: إن الاعتقاد إذا تزايد وتأكد الإقرار معه بالتكرير أو بذكر شبهه، فذاك ازدياد إيمان. وإذا قال ذلك، فقد أوجب أن يكون ذكر الله ومدحه والثناء عليه، الذي دعا تأكدا لاعتقاده إليه إيمانا. وإذا دخل في هذا، لم يجد بدا من أن يقول: وإذا بعثه ما تأكد من إيمانه على أن لا يدع طاعة إلا أتاها، ولا معصية إلا اتقاها، كان ذلك منه إيمانا.
فإن قيل: إني كنت لا أقول أن الاعتقاد وحده إيمان ثابت، لا نقول أن الصلاة وحدها إيمان، ثم لم يمتنع من أن يقول: إن إقام الصلاة زيادة إيمان، فلم أمتنع على أن أقول تأكدا لاعتقادي زيادة إيمان؟ وقيل له: ليسا سواء، لأن زيادة الإعتقاد والإقرار بالصلاة عندي كزيادة المال بانضمام مستقاد منه مستقاد، اتفق الجنس أو اختلف، ومل شيء من ذلك حدث، فلا يقتضي صحة وصفه بالزيادة معي سوى سلامة الحادث قبله. فكذلك هذا، وأما أنت فإنك تجعل الاعتقاد الماضي بما حدث من تأكده أقوى، وتلك القوة الحادثة محض الاعتقاد ولا تتعداه إلى الإقرار وإذا كان عندك، أن مجموع الاعتقاد والإقرار هو الإيمان. لم يكن لك أن تقول: أن تأكد الاعتقاد وحده وقوته زيادة إيمان. وأما أنا فإني أجعل سابغ الأعمال زوائد إيمان من طرق كثيرة الأجزاء والعدد. فكلما أحدث منها حادث، وصادفه ما تقدمه ثابتا، صح لي أن أقول زيادة إيمان، لأنه من طريق العدد. فكثر بما تقدمه، والذي تقدمه يكثر به. وهذا فرق ما بيننا.
وجواب آخر: عن أصل الكلام وهو الذي يسلمه، من أن تأكد الاعتقاد زيادة إيمان، حجة عليه. لأن أدنى اليقين كاف للنقل عن الكفر إلى الإيمان. ثم كان ما جاوزه