للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في آية الوعد: {والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم} فأوجبنا التثنية بالرسل عند تعديد شعب الإيمان، هذا ولان العلى الملائكة، إنما وقع بخبر الرسل، فكانت التثنية بالرسل لذلك أولى من التثنية بالملائكة.

ثم ذكر الملائكة بعد الرسل أولى من ذكر الكتب، لأنهم من جملة الرسل وإن كانوا صنفاً غير الرسل الذين من البشر، ولأن الكتب تنزيل الملائكة، فالأحسن إذاً تقديم ذكرهم على ذكر تنزيلهم.

فصل

ونقول: أن الإيمان بالكتب المنزلة على الأنبياء الذين كانوا قبل نبينا صلى الله عليه وسلم وعليهم، وإن كان واجباً فلا يؤخذ بقراءة ما في أيدي اليهود والنصارى منها، لأن الله عز وجل قد خوفهم وزجرهم ونسبهم إلى أنههم يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله، {ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون}. وقال: {يحرفون الكلم من بعد مواضعه} وقال: {يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون}

وإذا كطان هذا هكذا، لم يقع للمسلم تقديماً بقول اليهود أنه من التوراة، ويقول النصراني أنه من الإنجيل، أو يقولان: أنه من الزبور، إذ كان لا يأتيه أن يكون من وصفهم الذي أخبر الله عز وجل بأنهم ينسبونه إلى الله عز وجل، يعلمون من أنفسهم بأنهم كاذبون.

وأيضا فإن الكفار لا شهادة لهم أصلا، فكيف يقبل قولهم على الله تعالى ورسله، لكنهم أبعد الناس من ذلك، فأولاهم بالرد والتكذيب. هذا وقد ظهر أكثر ما في أيديهم، لا يجوز أن يكون منزلا من عند الله عز وجل لأن ما يدعونه إليه، إنه التوراة مغازي موسى وقصته بعد فرعون، وما دار بينه وبين بني إسرائيل طول مقامه بين أظهرهم، وصفة وفاته

<<  <  ج: ص:  >  >>