للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(هل تدرون ما الإيمان بالله وحده؟ قالوا: الله ورسوله! قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان، وأن تعطوا من المغانم الخمس). فسمى الشهادة وهذه الأعمال إيمانا، كما سماها في الرواية التي قبل هذه إسلاما فبان أن كل واحد من الاعتقاد والإقرار والطاعات كلها إيمان، وكل واحد منها إسلام.

ثم جاءت رواية رابعة تؤكد هذا كله، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل من أهل الشام: (أسلم تسلم! قال: وما الإسلام؟ قال: أن تسلم قلبك لله، ويسلم المسلمون من لسانك ويدك. قال: فأي الإسلام أفضل؟ قال: الإيمان. وقال: وما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالبعث بعد الموت، قال: وأي الإيمان أفضل؟ قال: الهجرة. قال: وما الهجرة؟ قال: أن تهجر السوء. قال: فأي الهجرة أفضل؟ قال: الجهاد. قال: وما الجهاد؟ قال: أن تقاتل الكفار إذا لقيتهم لا تغل ولا تجبن)، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم بأصبعيه (هما من أفضل الأعمال: حجة مبرورة وعمرة).

فأبان هذا الحديث أن الإسلام الذي أخبر الله عز وجل أنه هو الذي عنده بقوله: {إن الدين عند الله الإسلام}، وقوله: {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه}. وقوله عز وجل: {اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا}، ينتظم الاعتقاد والأعمال الظاهرة. لأن قوله: (الإسلام أن تسلم قلبك لله) إشارة إلى تصحيح الاعتقاد. وقوله (ويسلم المؤمنون من لسانك ويدك) إشارة إلى تصحيح المعاملات الظاهرة. ثم صرح بذلك فأخبر أن الإيمان أفضل الإسلام، وفسره: بأنه الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث. أراد أن الإيمان بالغيب أفضل من الإيمان بما يشاهد ويرى. وهذا موافق لقول الله عز وجل: {الذين يؤمنون بالغيب} مدحا لهم وثناء عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>