فهذا إثابة لما أطعناه فيه أدى إلى جنات النعيم، فأية نعمة توازي هذه النعمة، وآية منه إلى هذا الشيء. ثم أنه عز وجل ألزمنا طاعته وتوعدنا على معصيته بالنار، ووعدنا بإتباعه الجنة، فأي رتبة تضاهي هذه الرتبة؟ وأي درجة؟ فحق علينا القول إذًا أن نحبه ونجله ونعظمه أكثر من إجلال كل عبد سيده، وكل ولد والده وبمثل هذا نطق الكتاب ووردت أوامر الله عز وجل، قال الله عز وجل:} وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي معه أولئك هم المفلحون {. فأخبر أن الفلاح إنما يكون جمع إلى الإيمان به تعزيره ولا خلاف في أن التعزير هاهنا التعظيم. وقال:} إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرا {ليؤمنوا بالله ورسوله ويعزروه ويوقروه. فأبان أن حق رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته أن يكون معزرًا موقرًا مهيبًا، ولا يعامل بالاسترسال والمباسطة كما يعامل الكفار بعضهم بعضًا. وقال عز وجل:} لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا {فيؤخروا إجابته بالاعذار والعلل الذي يؤخر بها بعضكم إجابة بعض، ولكن عظموه بسرعة الإجابة ومعالجة الطاعة، ولم تجعل الصلاة لهم عذرًا في التخلف عن الإجابة، إذا دعا أحدهم وهو يصلي إعلامًا لهم أن الصلاة إذا لم تكن عذرًا يستباح به تأخير إجابته، فما دونها من معاني الأعذار بعد؟ فروى أنه صلى الله عليه وسلم دعا لأناء وهو يصلي، فلما فرغ جاءه، فقال له: ما منعك أن تيجيبني إذ دعوتك؟ فقال: إني كنت أصلي، قال: ألم تسمع الله يقول:} استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم {. فاعلمه أن إجابته واجبة عليه وإن كان في الصلاة، وقيل معنى هذه الآية} لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا {وذلك أنهم كانوا ينادونه على رسم أعداء بينهم فيقولون له: يا محمد ويا أبا القاسم، فنهوا عن ذلك، وأمروا أن يعظموه فيقولوا: يا رسول الله تعالى أتاه في عامة القرآن:} يا أيها الرسول {أو} يا أيها النبي {إنما كانت لتعليم أمته ما يلزمهم أن يخاطبوه به، وحملهم في ذلك على الأدب المستحسن المحمود ولكن كثيرًا من الأعراب لما لم يكتفوا بذلك ولم ينتهوا للمراد شرح لهم فقال: