إن سأل سائل عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، أفرض هي أم سنة؟
قيل: أما في الصلاة يجب التشهد به، فرض هي لا تجوز الصلاة إلا بها، وإما خارج الصلاة فقد تظاهرت الأخبار بوجوب الصلاة عليه كما جرى ذكره فإن كان يثبت إجماع يلزم الحجة بمثله، على أن ذلك غير فرض، وإلا فهو فرض على الذاكر والسامع. فإن رام رائم أن يثبت هذا الإجماع من حيث إن العلماء يختلفون في إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول غير فريضة، ومعلوم أن ذكره في التشهد يتكر مرتين. ففي هذا بيان إن الصلاة عليه كما جرى ذكره لا تجب قبل. إما الإجماع على أن الصلاة عليه لحق الصلاة لا تجب لمسلم. فإما الإجماع على أنها لا تجب فمعه ذكره، فليس بالذي يمكن به لأن إحداهما غير الأخرى. فإن المسبوق ينقص الصلاة إن أدرك الإمام رافعًا رأسه عن الركوع فدخل معه فهو الاقتداء به، لزمه أن يسجد معه، وليس ذلك لحق الصلاة، وإنما هو لحق الإقتداء. ومن نوى السجود عند آيات السجدة، فما يؤمر المصلي إذا تلي أنه منها ولم يركع بها أن يسجد وليس ذلك الصلاة وإنما هو التلاوة، فلم ينكر إن يوم التشهد يقرأ إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي عليه لأجل ذكره، وإن كان لا يؤمر لأجل الصلاة.
وقد يجوز أن يقال: إن الصلاة حال واحدة، فإذا ذكر المصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يصل إليه حتى يشهد آخر الصلاة، فصلي عليه أجرى ذلك عن الفرض، وعما مضى من ذكره، فلا يمكن أن يقال: إن ذكره في التشهد الأول لم يوجب الصلاة بل قد أوجبها، إلا أن وصفها لم يفت حتى صلي عليه، فصار بذلك قاضيًا للفرض والله أعلم.
والأصل في الباب قول الله عز وجل:} إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها النبي آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا {.
وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هذا من العلم المكنون، ولولا أنكم سألتموني عنه ما أخبرتكم به، إن الله تبارك وتعالى وكل بي ملكين، فلا أذكر عند