وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(من سب العرب فأولئك المشركون، فلا ينبغي لأحد أن يطلق لسانه بتفضيل العجم على العرب) فصار فرضًا على الناس بأن يتعلموا لغة العرب، وإن كان ذلك من فروض الكفاية ليغفلوا عن الله عز وجل أمره ونهيه ووعده ووعيده ويفهموا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيانه وتبليغه، وحكم بأن الأئمة من قريش، فلا يمكن أن يكون إمام المسلمين إلا عربيًا، ونزع أيدي الأعاجم من المماليك، فأبطل أن يكونوا إلا أذنابًا لا رؤساء، وبعلهم رقيقًا وحولاً للعرب، ولم يجعل العرب حولاً لغيرهم لكنه صانهم عن جريان الرق غلاً لأقدارهم، ودلالة في الفضل على مكانهم، لأن الله تبارك وتعالى لم يكن ليختار إلا فضل رسله إلا أفضل الأوصاف، فلما كان الناس عربًا وغير عرب، فجعل أفضل رسله العرب، علمنا أنه إنما فضل ذلك لأنه أبهى وأعلى لقدره تفضيل العرب من سواهم، كما أنه لما جعله من أهل حرمه، علمًا بذلك أنه أراد أن يكون ذلك أعظم لحرمته لفضل الحرم على من سواه.
وقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله عز وجل:} وإنه لذكر لك ولقومك {قال: ممن الرجل؟ فيقال: من العرب، فيقال: من أي من العرب؟ فيقال: من قريش. من أطلق بدم العرب والوقيعة فيهم، وتفضيل الأعاجم عليهم لسانه. فقد آذى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه أسمعه في قومه خلاف الجميل، والله عز وجل يقول:} إن الذين يؤذون الله روسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابًا مهينًا {ووجدت الذين يتجاسرون على إطلاق القول بفضل العجم على العرب يدور مكانهم على عدة معاني:
منها إنهم يزعمون أن اسحق بن إبراهيم صلى الله عليهما كان أبا العجم، وملوك الأعاجم من ولده، ويصفون أيضًا أنسابهم به على ما هو موجود من مواضعه من كتبهم، وإن إسماعيل كان أبا العرب، وكان اسحق أولى بالفضل من إسماعيل لأنه الذبيح الذي ابتلى الله عز وجل فيه إبراهيم عليه السلام فصبر، لم يجاوز ذلك بعضهم، إلا أن اسحق كان ولد الأنبياء والملوك ولم يخرج من صلب إسماعيل إلا عبدة الأصنام، وسافكوا الدماء والعابثون