للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الله جل ثناؤه: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك. وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه} والدين هو التصديق وهو الإيمان.

وصف الله تعالى الدين قولا وعملا فقال: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين}. فالتوبة من الشرك هي الإيمان والصلاة والزكاة عمل.

وعن عبيد الله بن عمر قال: ليس الإيمان بالتجلي ولا بالتمني، ولكن الإيمان قول يعقل، وعمل يعمل. وعنه قال: من صدق الإيمان وبره أن يخلو الرجل بالمرأة الجميلة فيدعها، لا يدعها إلا لله، ومن صدق الإيمان وبره إسباغ الوضوء في المكاره وعد أمورا سواه.

وعن مجاهد قال: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، وعن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه كتب إلى عدي بن عدي: أن للإيمان سننا وفرائض وشرائع وحدودا، من استكملها استكمل الإيمان، ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان، وإن أعش بنتها لكم. وإن أمت فوالله ما أنا على صحبتكم بمريض.

وعن وهب بن منبه رضي الله عنه قال: الإيمان يشبه الماء، البحر ماء، والغدير ماء، والماء في القدح ماء، والماء في المحارة، فتفاضل الإيمان مثل البحر والمحارة. وعنه أن رجلا قال له: أليس مفتاح الجنة لا إله إلا الله؟ قال: بلى! وليس مفتاح إلا وله أسنان. فمن أتى الباب بأسنانه فتح له، ومن لم يأته بأسنانه لم يفتح له.

وعنه قال: الإيمان قائد والعمل سائق والنفس حرون بينهما. فإذا قاد القائد ولم يسق السائق لم يغن شيئا، فإذا ساق السائق ولم يقد القائد لم يغن شيئا وإذا قاد القائد وساق السائق تبعتها النفس طوعا أو كرها.

وعن بكر بن عبد الله المزني أنه قال: انتهيت إلى هذا المسجد وهو غاص بأهله مفعم بالرجال، قيل لي: أي هؤلاء خير؟ قلت لسائلي: أتعرف أنصحهم لهم، فإن عرفه عرف أنه خيرهم، ولو انتهيت إلى هذا المسجد وهو غاص بأهله مفعم من الرجال. فقيل لي: أي هؤلاء شرهم. فقلت لسائلي: أتعرف أغشهم لهم، فإن عرفه عرفت أنه شرهم، أنه منافق برئ من الإيمان، لو شهد عليه بذلك لشهدت أنه في النار، ولكني أخاف على

<<  <  ج: ص:  >  >>