وهو يريد إذا أردتم القيام إلى الصلاة، ويدل على ذلك أنه تعالى أخبر في آية أخرى أن الشيطان يعارض القارئ في حال قراءته، فقال:} وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمني {ألقي الشيطان في أمنيته. وقال:} وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله أنه هو السميع العليم {.
فعلمنا أنه أراد بالاستعاذة للقراءة، أن يستعيذ قبلها قياس من معارضة الشيطان إلا أن يستعيذ بعد انقضاء القراءة.
وأيضًا فإن الاستعاذة قبل القراءة أرغب لا حول القراءة من الاستعاذة بعدها، وإنها تدفع كيد الشيطان في التبسط عن القراءة، ومعارضته عند القراءة، ووسوسته بعد القراءة، والاستعاذة بعد الفراغ لا تدفع كيده إلا في ذلك الوقت، فكانت أجمعها للأحوال من المقتصدة على أحديهما والله أعلم.
وأما قطع القراءة بالحمد والتصديق، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والشهادة له بالتبليغ، فإنه عمل المسلمين. وقد أخبر الله عز وجل: إن المؤمنين إذا دخلوا الجنة قالوا:} الحمد لله الذي صدقنا وعده {. وهم لا يشكون، قبل أن يردوا الجنة، أن خبر الله تعالى صدق، وإنما خبره القرآن، فينبغي لمن قرأه أن يحمد الله تعالى على ما أنعم عليه منه، وعرفه من ثناء النعم الجليلة التي تقدم عليهما. إذا أصلح وأحسن لئلا يبخس نفسه حظها بإيثار الفاني على الباقي، ويشهد له عز اسمه بالصدق في أخباره، ويقرن ذلك بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. إذ كان الوقوف على القراءة والوصول إليها من قبله، ويشهد بالتبليغ إذ كان الله تعالى أمره به ففعله، ولم يكتم شيئًا، وكانت الشهادة له بذلك من حقه.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في بعض خطبه:(ألا هل بلغت: فقالوا اللهم نعم) وكذلك فليقولوا عند كل ختم وقطع.
وأما من استوفى القرآن قراءة وختمه، فقلنا أن للختم آدابًا: منها أن يرجع القارئ إلى أول القرآن، فيقرأ شيئًا منه، ثم يقطع، والمعهود من أمر الناس أن يقرأوا فاتحة