ثماني سجدات وذلك ضحى. وروى عنه أنه كانت له خرقة يمسح بها وجهه إذا توضأ، وروى مثل ذلك عن عثمان رضي الله عنه، وعلي والحسين بن علي رضي الله عنهم.
وقال بعض الناس: إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رد الخرقة التي عرضت عليه فلم يتمسح بها، لئلا يمسح أثر الطهور، وهو نور. وقد جاء أنه يوزن يوم القيامة، فيقال له أرأيت إذا لم يمسح أثر الوضوء كما ذكرت، أتصلى به قبل أن يجف، فيسجد على رمل أو تراب فإن قال: نعم. فيقال له: أرأيت إذا سجد فحملت جبهته رملاً أو تراب المسجد إذا أراد أن يسجد ثانيًا. فإن قال: لا. قيل: أيسجد بما حملت جبهته، وقد حال بينها وبين المسجد فلا يصح سجوده، ويكون كمن لم يسجد في قول بعض العلماء، ويصح في قول بعضهم: إلا أن فضل الاقضاء، بالجبهة إلى المسجد ليس بأدنى من فضل ترك بلل الوضوء على العضو فيكون قد ترك الأفضل لغير الأفضل.
فإن قال: لا يفعل واحدًا منهما ويمسح جبهته. قيل: فإذا مسح فقد أزال أثر الوضوء والصلاة جميعًا، لأن البلل من آثار الوضوء، والتراب من آثار السجود، فإن كنت ترى أن يمسحها جميعًا، فهلا رأيت أن يمسح أحدهما وبالله التوفيق. وأما ضرب الماء على الوجه كهيئة اللطم، فقد روى عن إبراهيم: كانوا يكرهون أن يلطموا وجوههم بالماء إذا تظهروا وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة وضوئه، ثم أدخل يده جميعها في الإناء، فأخذ حفنة ماء، فضرب على وجهه، ثم الثانية ثم الثالثة مثل ذلك، فقد يجوز أن يقال أن الضرب الخفيف جائز ولابد منه، والضرب الشديد مكروه وهو اللطم. ومنها أن يغسل وجهه بيديه جميعًا، هذا هو الأغلب من وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم. وما روى عنه من أنه كان يغسل وجهه بيمينه محمول على أنه كان يفعل ذلك إذا توضأ من إناء ضيق الفم، فيفرغ منه بشماله على يمينه. وأما إذا توضأ من هذا وإناء واسع باليدين معًا والله أعلم.
ومنها إذا توضأ لم يصب الماء من يده فيمرها بالماء على أعضائه، كما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنها أن يدلك عارضيه إذا كانت لحيته كثيفة. وروى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومنها أن لا يتوضأ ولا يغتسل في ثوبه وإن كان نظيفًا. وجاء عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت إذا توضأت تدخل يدها من تحت الوقاية فتمسح رأسها كلها.