الظهر إلى الظهر، ومن الضحى إلى الضحى، وزالت عنه المشقة، فلم يحس بجوع ولا عطش وإذا كان كذلك، كان كأنه غير صائم، وهو مع ذلك غير مفطر. فقد يجور أن يكون أراد بقوله (لا صام ولا أفطر) هذا والله أعلم.
وروى أن خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون دخلت على عائشة رضي الله عنها وهي متعسفة هشة الهيئة، فقالت لها عائشة: لم تصنعين هذا؟ فقالت: إن صاحبي لا يريد النساء، يصوم النهار ويقوم الليل، وأراد أن يترهب. فذكرت عائشة ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:(لكن أنا أصوم وأفطر وأرقد وأقوم، وليس في ديننا الرهبانية، فمن رغب عن ملتي فليس مني). وقال عبد الله بن عمر: وقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا عبد الله بن عمر، تصوم النهار وتقوم الليل؟ قلت: نعم قال: فلا تفعل، فإنك إذا فعلت ذلك هجنت عيناك وتعنف نفسك، لكن صم وافطر، فإن لأهلك عليك حقًا ولجسدك حقًا. صم ثلاثة أيام من كل شهر، وذلك صوم الدهر. قلت: يا رسول الله، أني أجد قوة: قال: لا تفعل، لا صام من صام إلى الأبد، إن كنت لابد صائمًا فصم صوم داود، كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، ولا يفر إذا لاقى).
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم:(في صيام داود أربعة ألفاظ: أحدها الحكاية والجن، والآخر الترغيب وللأمر، والثالث: أن قال: أفضل الصيام والرابع: أنه أعدل الصيام، فأما الجن فهو ما روى أن رجلاً قال: يا رسول الله، أرأيت رجلاً يصوم يومًا ويفطر يومًا؟ قال: (ذاك صوم أخي داود، قال: فرجل يصوم يومًا ويفطر يومًا؟ قال: وددت أني أطيق ذلك. قال: أرأيت رجلاً يصوم يومين ويفطر يومين؟ قال: ومن يطيق ذلك)
فأما الترغيب فهو ما روى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (صم صوم داود، صم يومًا وافطر يومًا). وأما أن ذلك أفضل الصيام، فقد روي