وكان هذا الكتاب يرويه عبد الجبار الإمام إلا هذا القدر كان قد فاته من مصنفه، وكان الناس على الاجتياز يقرءون هذا القدر على القاضي، فقال: تكونون عندي الليلة، فإن لي مهمًا أحتاج فيه أن أخرج إلى سبزوار، فإن ابني أبا منصور كتب إلي من نيسابور: أن ابن أستاذي خارج في هذه القافلة إلى العراق، فأريد أن أسلم عليه، وأسأله أن يكون عندي أيامًا، وسماني، فتبسمت، فقال: تعرفه، ومن أين أنت يا بني؟ فقلت: الذي تقصده قاعد بين يديك وأنت تكلمه، فعرف وقام ونزل إلى صحن الدار، وبكى وقعد على الأرض، وكاد أن يقبل رجليّ، وقال: آخذ الخف بيدي، وأكرم غاية الإكرام، وأخرج الكتب والأجزاء، ووهب مني بعض أصوله، ونفذ إلى سبزوار حتى أقاموا القافلة ليلة بها، ولما وصلت القافلة إلى خسروجرد سيّرهم إلى مزينان، وما مكنني من الخروج معهم، فكنت عنده ثلاثة أيام، وخرج معي مشيعًا إلى مزينان، وألحقني بالقافلة، فقرأت عليه الكثير.
فمن جملة ما سمعت منه وقرأت عليه: كتاب الرسالة، لإمامنا أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، يرويه عن أبي بكر أحمد بن الحسين اليبهقي، عن الحاكم أبي عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، عن أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم، عن الربيع بن سليمان المرادي، عن الشافعي.