وَقَدْ رَدَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى مَنْ عَزَّاهُ فَقَالَ: اسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَك، وَرَحِمَنَا وَإِيَّاكَ. انْتَهَى. وَكَفَى بِهِ قُدْوَةً وَمَتْبُوعًا، قُلْت: جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ. الثَّانِيَةُ: مَعْنَى " التَّعْزِيَةِ " التَّسْلِيَةُ، وَالْحَثُّ عَلَى الصَّبْرِ بِوَعْدِ الْأَجْرِ، وَالدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ وَالْمُصَابِ.
الثَّالِثَةُ: لَا يُكْرَهُ أَخْذُهُ بِيَدِ مَنْ عَزَّاهُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ الْوَقْفُ، وَكَرِهَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْوَرَّاقُ قَالَ الْخَلَّالُ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ، وَكَرِهَهُ أَبُو حَفْصٍ عِنْدَ الْقَبْرِ.
قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ) يَعْنِي مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَهُ، لِكَثْرَةِ الْأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَوَجَّهَ فِي الْفُرُوعِ احْتِمَالًا يُحْمَلُ النَّهْيُ عَنْ الْبُكَاءِ بَعْدَ الْمَوْتِ: عَلَى تَرْكِ الْأَوْلَى قَالَ الْمَجْدُ: أَوْ أَنَّهُ [كَرِهَ] كَثْرَةَ الْبُكَاءِ وَالدَّوَامِ عَلَيْهِ أَيَّامًا قَالَ جَمَاعَةٌ: الصَّبْرُ عَنْ الْبُكَاءِ أَجْمَلُ مِنْهُمْ ابْنُ حَمْدَانَ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَنَّ الْبُكَاءَ يُسْتَحَبُّ رَحْمَةً لِلْمَيِّتِ، وَأَنَّهُ أَكْمَلُ مِنْ الْفَرَحِ كَفَرَحِ الْفُضَيْلِ لَمَّا مَاتَ ابْنُهُ عَلِيٌّ، قُلْت: اسْتِحْبَابُ الْبُكَاءِ رَحْمَةً لِلْمَيِّتِ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ لَا يُعْدَلُ عَنْهَا.
قَوْلُهُ (وَأَنْ يَجْعَلَ الْمُصَابَ عَلَى رَأْسِهِ ثَوْبًا يُعْرَفُ بِهِ) يَعْنِي يَجُوزُ ذَلِكَ لِيَكُونَ عَلَامَةً يُعْرَفُ بِهَا، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ فِي الْمَذْهَبِ: يُكْرَهُ لُبْسُهُ خِلَافَ زِيِّهِ الْمُعْتَادِ.
فَائِدَةٌ: يُكْرَهُ لِلْمُصَابِ تَغْيِيرُ حَالِهِ مِنْ خَلْعِ رِدَائِهِ وَنَعْلِهِ، وَتَغْلِيقِ حَانُوتِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute