حَالَ الْمُطَالَبَةِ. لِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا ذَلِكَ لِيُعْرَفَ مَنْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ مِمَّنْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ. وَإِنَّمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ. وَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ: قَوْلُهُمْ " الْمُدَّعِي مَنْ إذَا سَكَتَ تُرِكَ " يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ: إنْ لَمْ تَتَضَمَّنْ دَعْوَاهُ شَيْئًا إنْ لَمْ يَثْبُتْ، لَزِمَهُ حَدٌّ أَوْ تَعْزِيرٌ. كَمَنْ ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ أَنَّهُ زَنَى بِابْنَتِهِ، أَوْ أَنَّهُ سَرَقَ لَهُ شَيْئًا. وَأَنَّهُ قَاذِفٌ فِي الْأُولَى، ثَالِبٌ لِعِرْضِهِ فِي الثَّانِيَةِ. فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ دَعْوَاهُ لَزِمَهُ الْقَذْفُ فِي الْأُولَى، وَالتَّعْزِيرُ فِي الثَّانِيَةِ. وَقَدْ يُجَابُ: بِأَنَّهُ مَتْرُوكٌ مِنْ حَيْثُ الدَّعْوَى، مَطْلُوبٌ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ. فَهُوَ مَتْرُوكٌ مُطَابَقَةً. مَطْلُوبٌ تَضَمُّنًا.
[فَائِدَتَانِ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ]
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: قَوْلُهُ (وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ، إلَّا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) . وَهُوَ صَحِيحٌ. وَلَكِنْ تَصِحُّ عَلَى السَّفِيهِ فِيمَا يُؤْخَذُ بِهِ حَالَ سَفَهِهِ أَوْ بَعْدَ فَكِّ حَجْرِهِ. وَيَحْلِفُ إذَا أَنْكَرَ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي أَوَّلِ " بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ " وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَكَلٌّ مِنْهُمَا رَشِيدٌ، يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ وَجَوَابُهُ بِإِقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ وَغَيْرِهِمَا.
الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ (وَإِذَا تَدَاعَيَا عَيْنًا: لَمْ تَخْلُ مِنْ أَقْسَامٍ ثَلَاثَةٍ. أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا. فَهِيَ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ: أَنَّهَا لَهُ. لَا حَقٌّ لِلْآخِرِ فِيهَا، إذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ) بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُ بِذَلِكَ كَثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ. فَلَا شُفْعَةَ لَهُ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute