[بَابُ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ]
ِ قَوْلُهُ (وَالْوَاجِبُ بِقَتْلِ الْعَمْدِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ: الْقِصَاصُ، أَوْ الدِّيَةُ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ: أَنَّ الْوَاجِبَ الْقِصَاصُ عَيْنًا فَعَلَى الْمَذْهَبِ الْخِيَرَةُ فِيهِ إلَى الْوَلِيِّ " فَإِنْ شَاءَ اقْتَصَّ. وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ. وَإِنْ شَاءَ عَفَا إلَى غَيْرِ شَيْءٍ. وَالْعَفْوُ أَفْضَلُ. بِلَا نِزَاعٍ فِي الْجُمْلَةِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: اسْتِيفَاءُ الْإِنْسَانِ حَقَّهُ مِنْ الدَّمِ عَدْلٌ، وَالْعَفْوُ إحْسَانٌ. وَالْإِحْسَانُ هُنَا أَفْضَلُ. لَكِنَّ هَذَا الْإِحْسَانَ لَا يَكُونُ إحْسَانًا إلَّا بَعْدَ الْعَدْلِ. وَهُوَ أَنْ لَا يَحْصُلَ بِالْعَفْوِ ضَرَرٌ. فَإِذَا حَصَلَ بِهِ ضَرَرٌ كَانَ ظُلْمًا مِنْ الْعَافِي، إمَّا لِنَفْسِهِ وَإِمَّا لِغَيْرِهِ. فَلَا يُشْرَعُ. قُلْت: وَهَذَا عَيْنُ الصَّوَابِ. وَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ فِي آخِرِ الْمُحَارِبِينَ. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ: قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مُطَالَبَةُ الْمَقْتُولِ بِالْقِصَاصِ تُوجِبُ تَحَتُّمَهُ. فَلَا يُمَكَّنُ الْوَرَثَةُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْعَفْوِ. وَعَلَى الْمَذْهَبِ: إنْ اخْتَارَ الْقِصَاصَ فَلَهُ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ أَعْلَى. فَكَانَ لَهُ الِانْتِقَالُ إلَى الْأَدْنَى. وَيَكُونُ بَدَلًا عَنْ الْقِصَاصِ لَهُ. وَلَيْسَتْ هَذِهِ الدِّيَةُ هِيَ الَّتِي وَجَبَتْ بِالْقَتْلِ. وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute