[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]
قَوْلُهُ (وَهِيَ هِبَةُ مَنْفَعَةٍ) . هَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَالْهَادِي وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ، وَالْوَجِيزِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا إبَاحَةُ مَنْفَعَةٍ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْفَائِقِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ أَمَسُّ بِالْمَذْهَبِ. وَقَالَ: اخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي النَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَيَدْخُلُ عَلَى الْأَوَّلِ الْوَصِيَّةُ بِالْمَنْفَعَةِ. وَلَيْسَ بِإِعَارَةٍ. وَقَالَ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ: أَنَّ الْهِبَةَ تَمْلِيكٌ يَسْتَفِيدُ بِهِ التَّصَرُّفَ فِي الشَّيْءِ. كَمَا يَسْتَفِيدُهُ فِيهِ بِعَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ. وَالْإِبَاحَةُ: رَفْعُ الْحَرَجِ عَنْ تَنَاوُلِ مَا لَيْسَ مَمْلُوكًا لَهُ. فَالتَّنَاوُلُ: مُسْتَنِدٌ إلَى الْإِبَاحَةِ. وَفِي الْأَوَّلِ: مُسْتَنِدٌ إلَى الْمِلْكِ. وَقَالَ فِي تَعْلِيلِ الْوَجْهِ الثَّانِي: فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ لَوْ مُلِكَتْ بِمُجَرَّدِ الْإِعَارَةِ لَاسْتَقَلَّ الْمُسْتَعِيرُ بِالْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ. كَمَا فِي الْمَنْفَعَةِ الْمَمْلُوكَةِ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ الْحَارِثِيُّ: تَعْرِيفُ الْمُصَنِّفِ لِلْعَارِيَّةِ بِمَا قَالَ، تَوَسُّعٌ لَا يَحْسُنُ اسْتِعْمَالُهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ. إذْ " الْهِبَةُ " مَصْدَرٌ. وَالْمَصَادِرُ لَيْسَتْ أَعْيَانًا. وَ " الْعَارِيَّةُ " نَفْسُ الْعَيْنِ. وَلَيْسَتْ بِمَعْنَى الْفِعْلِ. قَالَ: وَالْأَوْلَى إيرَادُ التَّعْرِيفِ عَلَى لَفْظِ " الْإِعَارَةِ " فَيُقَالُ: الْإِعَارَةُ هِبَةُ مَنْفَعَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute