[بَابُ حَدِّ الْمُسْكِرِ]
ِ قَوْلُهُ (كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ، وَيُسَمَّى خَمْرًا) . هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَأَبَاحَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: مِنْ نَقِيعِ التَّمْرِ إذَا طُبِخَ مَا دُونَ السُّكْرِ. قَالَ الْخَلَّالُ: فُتْيَاهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي ضِمْنِ مَسْأَلَةِ جَوَازِ التَّعَبُّدِ بِالْقِيَاسِ أَنَّ الْخَمْرَ إذَا طُبِخَ لَمْ يُسَمَّ خَمْرًا. وَيَحْرُمُ إذَا حَدَثَتْ فِيهِ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ. ثُمَّ صَرَّحَ فِي مَنْعِ ثُبُوتِ الْأَسْمَاءِ بِالْقِيَاسِ أَنَّ الْخَمْرَ إنَّمَا سُمِّيَ خَمْرًا؛ لِأَنَّهُ عَصِيرُ الْعِنَبِ الْمُشْتَدِّ. وَلِهَذَا يَقُولُ الْقَائِلُ: أَمَعَك نَبِيذٌ، أَمْ خَمْرٌ؟ قَالَ: وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ «الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ.» وَقَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ " مَجَازٌ؛ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ عَمَلَهَا مِنْ وَجْهٍ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنْ قَصَدَ بِذَلِكَ نَفْيَ الِاسْمِ فِي الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ دُونَ الشَّرْعِيَّةِ: فَلَهُ مَسَاغٌ. فَإِنَّ مَقْصُودَنَا يَحْصُلُ بِأَنْ يَكُونَ اسْمُ الْخَمْرِ فِي الشَّرْعِ يَعُمُّ الْأَشْرِبَةَ الْمُسْكِرَةَ. وَإِنْ كَانَتْ فِي اللُّغَةِ أَخَصَّ. وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ الِاسْمَ الْحَقِيقِيَّ مَسْلُوبٌ مُطْلَقًا: فَهَذَا مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِنَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - خِلَافُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَهُوَ تَأْسِيسٌ لِمَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ. وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ: إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ خَمْرًا. انْتَهَى.
وَعَنْهُ: لَا يُحَدُّ بِالْيَسِيرِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ. ذَكَرَهَا ابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِي الْوَاضِحِ. نَقَلَهَا ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْهُ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وُجُوبَ الْحَدِّ بِأَكْلِ الْحَشِيشَةِ الْقِنَّبِيَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute