وَلَوْ حَصَلَتْ عِنْدَ الْإِمَامِ فَقَسَّمَهَا عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا، فَعَادَ إلَى إنْسَانٍ فِطْرَتُهُ: جَازَ عِنْدَ الْقَاضِي أَيْضًا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، قَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَنَصَرَهُ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَذْهَبُ أَحْمَدَ لَا يَجُوزُ كَشِرَائِهَا، وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ، وَابْنِ رَزِينٍ: إطْلَاقُ الْخِلَافِ فِيهِمَا، فَإِنَّهُمَا قَالَا: جَائِزٌ عِنْدَ الْقَاضِي، وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ لَا يَجُوزُ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: الْخِلَافُ فِي الْإِجْزَاءِ، وَقِيلَ: فِي التَّحْرِيمِ. انْتَهَى. وَتَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ بِأَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ فِي الرِّكَازِ فَلْتُعَاوَدْ، وَلَوْ عَادَتْ إلَيْهِ بِمِيرَاثٍ جَازَ. قَوْلًا وَاحِدًا.
الثَّالِثَةُ: مَصْرِفُ الْفِطْرَةِ مَصْرِفُ الزَّكَاةِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، فَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا لِغَيْرِهِمْ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ، عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ: تُدْفَعُ إلَى مَنْ لَا يَجِدُ مَا يَلْزَمُهُ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَّا لِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْكَفَّارَةَ، وَهُوَ مَنْ يَأْخُذُ لِحَاجَتِهِ. وَلَا تُصْرَفُ فِي الْمُؤَلَّفَةِ وَالرِّقَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. الرَّابِعَةُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْفَضْلِ بْنِ زِيَادٍ: مَا أَحْسَنَ مَا كَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ يَفْعَلُ: يُعْطِي عَنْ أَبَوَيْهِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ حَتَّى مَاتَ، وَهَذَا تَبَرُّعٌ.
[بَابُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ]
ِ قَوْلُهُ (لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِ وُجُوبِهَا، مَعَ إمْكَانِهِ) هَذَا الْمَذْهَبُ فِي الْجُمْلَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُ إخْرَاجُهَا عَلَى الْفَوْرِ. لِإِطْلَاقِ الْأَمْرِ كَالْكَفَّارَةِ.
قَوْلُهُ (مَعَ إمْكَانِهِ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَدَرَ عَلَى إخْرَاجِهَا لَمْ يَجُزْ تَأْخِيرُهَا، وَإِنْ تَعَذَّرَ إخْرَاجُهَا مِنْ النِّصَابِ لِغَيْبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا جَازَ التَّأْخِيرُ إلَى الْقُدْرَةِ. وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْإِخْرَاجِ مِنْ غَيْرِهِ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، قَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute