وَسَمَّيْته " بِالْإِنْصَافِ فِي مَعْرِفَةِ الرَّاجِحِ مِنْ الْخِلَافِ " وَأَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَهُ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَأَنْ يُدْخِلَنَا بِهِ جَنَّاتِ النَّعِيمِ، وَأَنْ يَنْفَعَ بِهِ مُطَالِعَهُ وَكَاتِبَهُ وَالنَّاظِرَ فِيهِ. إنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ. {وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: ٨٨] .
[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]
[بَاب الْمِيَاه]
كِتَابُ الطَّهَارَةِ بَابُ الْمِيَاهِ فَائِدَةٌ: الطَّهَارَةُ لَهَا مَعْنَيَانِ. مَعْنًى فِي اللُّغَةِ، وَمَعْنًى فِي الِاصْطِلَاحِ. فَمَعْنَاهَا فِي اللُّغَةِ: النَّظَافَةُ وَالنَّزَاهَةُ عَنْ الْأَقْذَارِ. قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي الْأَخْلَاقِ أَيْضًا. وَمَعْنَاهَا فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ، قِيلَ: رَفْعُ مَا يَمْنَعُ الصَّلَاةَ مِنْ حَدَثٍ أَوْ نَجَاسَةٍ بِالْمَاءِ. أَوْ رَفْعُ حُكْمِهِ بِالتُّرَابِ.
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. وَتَابَعَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ. وَلَيْسَ بِجَامِعٍ، لِإِخْرَاجِهِ الْحَجَرَ وَمَا فِي مَعْنَاهُ فِي الِاسْتِجْمَارِ، وَدَلْكُ النَّعْلِ، وَذَيْلُ الْمَرْأَةِ عَلَى قَوْلٍ. فَإِنَّ تَقْيِيدَهُ بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ يُخْرِجُ ذَلِكَ. وَإِخْرَاجُهُ أَيْضًا نَجَاسَةً تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَهَا. فَإِنَّ زَوَالَهَا طَهَارَةٌ، وَلَا يَمْنَعُ الصَّلَاةَ. وَإِخْرَاجُهُ أَيْضًا الْأَغْسَالَ الْمُسْتَحَبَّةَ، وَالتَّجْدِيدَ، وَالْغَسْلَةَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ. وَهِيَ طَهَارَةٌ. وَلَا تَمْنَعُ الصَّلَاةَ. وَقَوْلُهُ " بِالْمَاءِ، أَوْ رَفْعُ حُكْمِهِ بِالتُّرَابِ " فِيهِ تَعْمِيمٌ. فَيَحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدِهِمَا بِكَوْنِهِمَا طَهُورَيْنِ.
قَالَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ. وَأُجِيبَ عَنْ الْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ وَنَحْوِهَا: بِأَنَّ الطَّهَارَةَ فِي الْأَصْلِ إنَّمَا هِيَ لِرَفْعِ شَيْءٍ، إذْ هِيَ مَصْدَرُ طَهُرَ: وَذَلِكَ يَقْتَضِي رَفْعَ شَيْءٍ. وَإِطْلَاقُ " الطَّهَارَةِ " عَلَى الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ وَالْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ مَجَازٌ، لِمُشَابَهَتِهِ لِلْوُضُوءِ الرَّافِعِ وَالْغُسْلِ الرَّافِعِ فِي الصُّورَةِ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي دَلْكِ النَّعْلِ وَذَيْلِ الْمَرْأَةِ: بِأَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ الطَّهَارَةِ بِذَلِكَ.
كَمَا يَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ. وَعَلَى الْقَوْلِ بِالطَّهَارَةِ: وَإِنَّمَا يَحْصُلُ ذَلِكَ فِي الْغَالِبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute