هَذَا مَا يَظْهَرُ لِي مِنْ كَلَامِهِمْ. وَيَظْهَرُ ذَلِكَ لِمَنْ تَتَبَّعَ كَلَامَهُمْ وَعَرَفَهُ. وَسَنُنَبِّهُ عَلَى بَعْضِ ذَلِكَ فِي أَمَاكِنِهِ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْمَذْهَبَ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ، ثُمَّ الْمُصَنِّفُ، ثُمَّ الْمَجْدُ، ثُمَّ الْوَجِيزُ، ثُمَّ الرِّعَايَتَيْنِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا اخْتَلَفَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمُقْنِعِ، فَالْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ فِي الْكَافِي. وَقَدْ سُئِلَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ عَنْ مَعْرِفَةِ الْمَذْهَبِ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ فِيهَا مُطْلَقٌ فِي الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُقْنِعِ وَالرِّعَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا؟ فَقَالَ " طَالِبُ الْعِلْمِ يُمْكِنُهُ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ مِنْ كُتُبٍ أُخَرَ، مِثْلِ كِتَابِ التَّعْلِيقِ لِلْقَاضِي، وَالِانْتِصَارِ لِأَبِي الْخَطَّابِ، وَعُمَدِ الْأَدِلَّةِ لِابْنِ عَقِيلٍ، وَتَعْلِيقِ الْقَاضِي يَعْقُوبَ، وَابْنِ الزَّاغُونِيِّ. وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْكُتُبِ الْكِبَارِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا مَسَائِلُ الْخِلَافِ، وَيُذْكَرُ فِيهَا الرَّاجِحُ. وَقَدْ اُخْتُصِرَتْ هَذِهِ الْكُتُبَ فِي كُتُبُ مُخْتَصَرَةٍ، مِثْلِ رُءُوسِ الْمَسَائِلِ لِلْقَاضِي أَبِي يَعْلَى، وَالشَّرِيفِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَلِأَبِي الْخَطَّابِ، وَلِلْقَاضِي أَبِي الْحُسَيْنِ وَقَدْ نُقِلَ عَنْ أَبِي الْبَرَكَاتِ جَدِّنَا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لِمَنْ يَسْأَلُهُ عَنْ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ: إنَّهُ مَا رَجَّحَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ مَسَائِلِهِ. قَالَ: وَمِمَّا يُعْرَفُ مِنْهُ ذَلِكَ: الْمُغْنِي لِأَبِي مُحَمَّدٍ، وَشَرْحُ الْهِدَايَةِ لِجَدِّنَا. " وَمَنْ كَانَ خَبِيرًا بِأُصُولِ أَحْمَدَ وَنُصُوصِهِ عَرَفَ الرَّاجِحَ مِنْ مَذْهَبِهِ فِي عَامَّةِ الْمَسَائِلِ " انْتَهَى كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قُلْنَاهُ أَوَّلًا. وَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْقَضَاءِ.
وَاعْلَمْ رَحِمَك اللَّهُ أَنَّ التَّرْجِيحَ إذَا اخْتَلَفَ بَيْنَ الْأَصْحَابِ إنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. وَكُلُّ وَاحِدٍ مِمَّنْ قَالَ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ إمَامٌ يُقْتَدَى بِهِ. فَيَجُوزُ تَقْلِيدُهُ وَالْعَمَلُ بِقَوْلِهِ. وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي الْغَالِبِ مَذْهَبًا لِإِمَامِهِ. لِأَنَّ الْخِلَافَ إنْ كَانَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ فَوَاضِحٌ. وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْأَصْحَابِ، فَهُوَ مَقِيسٌ عَلَى قَوَاعِدِهِ وَأُصُولِهِ وَنُصُوصِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ " الْوَجْهَ " مَجْزُومٌ بِجَوَازِ الْفُتْيَا بِهِ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute