[بَابُ الْهُدْنَةِ]
ِ مَعْنَى " الْهُدْنَةِ " أَنْ يَعْقِدَ الْإِمَامُ، أَوْ نَائِبُهُ، عَقْدًا عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ مُدَّةً. وَيُسَمَّى مُهَادَنَةً، وَمُوَادَعَةً، وَمُعَاهَدَةً.
قَوْلُهُ (وَلَا يَصِحُّ عَقْدُ الْهُدْنَةِ وَالذِّمَّةِ إلَّا مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: لِآحَادِ الْوُلَاةِ عَقْدُ الْهُدْنَةِ مَعَ أَهْلِ قَرْيَةٍ. وَقِيلَ: يَجُوزُ عَقْدُ الذِّمَّةِ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْهِدَايَةِ.
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: لَا يَصِحُّ عَقْدُ الْهُدْنَةِ إلَّا حَيْثُ جَازَ تَأْخِيرُ الْجِهَادِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْجِهَادِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَجُوزُ عَقْدُ ذَلِكَ وَنَحْوُهُ مَعَ الْقُوَّةِ أَيْضًا وَالِاسْتِظْهَارُ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْإِرْشَادِ، وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَالْمُبْهِجِ، وَالْمُحَرَّرِ: وَيَجُوزُ عَقْدُ الْهُدْنَةِ مَعَ قُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَاسْتِظْهَارِهِمْ مُدَّةَ أَرْبَعَة أَشْهُرٍ. وَلَا يَجُوزُ فَوْقَهَا. وَقِيلَ: يَجُوزُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ دُونَ عَامٍ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ.
الثَّانِيَةُ: يَجُوزُ بِمَالٍ مَنًّا لِلضَّرُورَةِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ. وَقَالَ فِي الْفُنُونِ: يَجُوزُ لِضَعْفِنَا مَعَ الْمَصْلَحَةِ. وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: لِحَاجَةٍ. وَقَالَهُ أَبُو يَعْلَى الْكَبِيرُ فِي الْخِلَافِ فِي الْمُؤَلَّفَةِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَلَا يَجُوزُ بِمَالٍ مَنًّا. وَقِيلَ: بِلَا ضَرُورَةٍ، أَوْ لِتَرْكِ تَعْذِيبِ أَسِيرٍ مُسْلِمٍ، أَوْ قَتْلِهِ، أَوْ أَسِيرٍ غَيْرِهِ، أَوْ خَوْفًا عَلَى مَنْ عِنْدَهُمْ مِنْ ذَلِكَ. انْتَهَى. قُلْت: هَذَا الْقَوْلُ مُتَعَيِّنٌ. وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ ضَعِيفٌ أَوْ سَاقِطٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute