للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ]

تَنْبِيهٌ: يُحْتَمَلُ قَوْلُهُ (وَهِيَ أَفْضَلُ تَطَوُّعِ الْبَدَنِ) أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ: أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ التَّطَوُّعَاتِ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ التَّطَوُّعُ بِالْجِهَادِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ أَحَدُ الْوُجُوهِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَحَوَاشِي ابْنِ مُفْلِحٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ تَعْلِيلِ ابْنِ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ: أَنَّهَا أَفْضَلُ التَّطَوُّعَاتِ سِوَى الْجِهَادِ؛ لِقَوْلِهِ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ " وَأَفْضَلُ مَا يُتَطَوَّعُ بِهِ الْجِهَادُ " وَيَكُونُ عُمُومُ كَلَامِهِ هُنَا مَخْصُوصًا أَوْ يُقَالُ: لَمْ يَدْخُلْ الْجِهَادُ فِي كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْغَالِبِ لَا يَحْصُلُ بِالْبَدَنِ فَقَطْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ: أَنَّهَا أَفْضَلُ التَّطَوُّعَاتِ الْمَقْصُورَةِ عَلَى الْبَدَنِ، كَالصَّوْمِ وَالْوُضُوءِ وَالْحَجِّ وَنَحْوِهِ، بِخِلَافِ الْمُتَعَدِّي نَفْعُهُ كَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَقَضَاءِ حَاجَةِ الْمُسْلِمِ، وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَالْجِهَادِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَطَلَبِ الْعِلْمِ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ وَجْهٌ اخْتَارَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ عَلَى مَا يَأْتِي قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَقَوْلُ الشَّيْخِ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ (تَطَوُّعَ الْبَدَنِ) أَيْ غَيْرُ الْمُتَعَدِّي نَفْعُهُ، الْمَقْصُورُ عَلَى فَاعِلِهِ فَأَمَّا الْمُتَعَدِّي نَفْعُهُ: فَهُوَ آكَدُ مِنْ نَفْلِ الصَّلَاةِ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ عَنْ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَحْمُولَةٌ عِنْدِي عَلَى نَفْلِ الْبَدَنِ غَيْرِ الْمُتَعَدِّي. انْتَهَى.

وَاعْلَمْ أَنَّ تَحْرِيرَ الْمَذْهَبِ فِي ذَلِكَ: أَنَّ أَفْضَلَ التَّطَوُّعَاتِ مُطْلَقًا الْجِهَادُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، مُتَقَدِّمُهُمْ وَمُتَأَخِّرُهُمْ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: الْجِهَادُ أَفْضَلُ تَطَوُّعَاتِ الْبَدَنِ أَطْلَقَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالْأَصْحَابُ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَيْضًا: أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الرِّبَاطِ، وَقِيلَ: الرِّبَاطُ أَفْضَلُ، وَحَكَى رِوَايَةً، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْعَمَلُ بِالْقَوْسِ وَالرُّمْحِ أَفْضَلُ فِي الثَّغْرِ، وَفِي غَيْرِهِ نَظِيرُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>