الْأَصْحَابِ وَجَعَلُوهُ مَنْصُورًا. فَهَذَا لَا إشْكَالَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ يَدَّعِي أَنَّ الْمَذْهَبَ خِلَافُهُ، وَإِنْ كَانَ التَّرْجِيحُ مُخْتَلِفًا بَيْنَ الْأَصْحَابِ فِي مَسَائِلَ مُتَجَاذِبَةِ الْمَأْخَذِ، فَالِاعْتِمَادُ فِي مَعْرِفَةِ الْمَذْهَبِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالْمَجْدُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةُ، وَالْوَجِيزِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالنَّظْمِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. فَإِنَّهُمْ هَذَّبُوا كَلَامَ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَمَهَّدُوا قَوَاعِدَ الْمَذْهَبِ بِيَقِينٍ. فَإِنْ اخْتَلَفُوا فَالْمَذْهَبُ: مَا قَدَّمَهُ صَاحِبُ " الْفُرُوعِ " فِيهِ فِي مُعْظَمِ مَسَائِلِهِ.
فَإِنْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، أَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْمُعْظَمِ الَّذِي قَدَّمَهُ، فَالْمَذْهَبُ: مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ أَعْنِي الْمُصَنِّفَ وَالْمَجْدَ أَوْ وَافَقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِي أَحَدِ اخْتِيَارَيْهِ.
وَهَذَا لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْغَالِبِ. فَإِنْ اخْتَلَفَا فَالْمَذْهَبُ مَعَ مَنْ وَافَقَهُ صَاحِبُ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ، أَوْ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَإِلَّا فَالْمُصَنِّفُ، لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ فِي الْكَافِي، ثُمَّ الْمَجْدُ. وَقَدْ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ رَجَبٍ فِي طَبَقَاتِهِ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ الْمُنَى " وَأَهْلُ زَمَانِنَا وَمَنْ قَبْلَهُمْ إنَّمَا يَرْجِعُونَ فِي الْفِقْهِ مِنْ جِهَةِ الشُّيُوخِ وَالْكُتُبِ إلَى الشَّيْخَيْنِ: الْمُوَفَّقِ وَالْمَجْدِ " انْتَهَى. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَلَا لِأَحَدِهِمَا فِي ذَلِكَ تَصْحِيحٌ، فَصَاحِبُ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ، ثُمَّ صَاحِبُ الْوَجِيزِ، ثُمَّ صَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ. فَإِنْ اخْتَلَفَا فَالْكُبْرَى، ثُمَّ النَّاظِمُ، ثُمَّ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ، ثُمَّ تَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُمْ. أَذْكُرُ مَنْ قَدَّمَ، أَوْ صَحَّحَ، أَوْ اخْتَارَ، إذَا ظَفِرْت بِهِ. وَهَذَا قَلِيلٌ جِدًّا. وَهَذَا الَّذِي قُلْنَا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ، وَفِي الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَهَذَا لَا يَطَّرِدُ أَلْبَتَّةَ.
بَلْ قَدْ يَكُونُ الْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ أَحَدُهُمْ فِي مَسْأَلَةٍ. وَيَكُونُ الْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ الْآخَرُ فِي أُخْرَى وَكَذَا غَيْرُهُمْ بِاعْتِبَارِ النُّصُوصِ وَالْأَدِلَّةِ وَالْمُوَافِقِ لَهُ مِنْ الْأَصْحَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute