قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَأَمَّا حَقُّ رَبِّ الْمَالِ: فَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ تَزْكِيَتُهُ بِدُونِ إذْنِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْآجُرِّيِّ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَصِيرَ الْمُضَارِبُ شَرِيكًا، فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ سَائِرِ الْخُلَطَاءِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ؛ لِدُخُولِهِمَا عَلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَمِنْ حُكْمِهِ: وُجُوبُ الزَّكَاةِ وَإِخْرَاجُهَا مِنْ الْمَالِ، صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُحَرَّرِ أَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفَائِقِ.
فَائِدَةٌ: يَلْزَمُ رَبَّ الْمَالِ زَكَاةُ رَأْسِ مَالِهِ مَعَ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ، وَيَنْعَقِدُ عَلَيْهَا الْحَوْلُ بِالظُّهُورِ، نَصَّ عَلَيْهِ زَادَ بَعْضُهُمْ: فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ سَهْوٌ، وَقِيلَ: قَبْضِهَا، وَفِيهِ احْتِمَالٌ، وَيُحْتَمَلُ سُقُوطُهَا قَبْلَهُ لِتَزَلْزُلِهَا. انْتَهَى. وَأَمَّا حِصَّةُ الْمُضَارِبِ إذَا قُلْنَا " لَا يَمْلِكُهَا بِالظُّهُورِ " فَلَا يَلْزَمُ رَبَّ الْمَالِ زَكَاتُهَا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي، وَالْأَكْثَرِينَ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَحَكَى أَبُو الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ عَنْ الْقَاضِي: يَلْزَمُ رَبَّ الْمَالِ زَكَاتُهُ، إذَا قُلْنَا: لَا يَمْلِكُهُ الْعَامِلُ بِدُونِ الْقِسْمَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُزَارَعَةِ، وَحَكَاهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَجْهًا، وَصَحَّحَهُ وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: وَهُوَ ضَعِيفٌ، قَالَ فِي الْحَوَاشِي: وَهُوَ بَعِيدٌ، وَقَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، لَكِنْ اخْتَارَ الْأَوَّلَ.
فَائِدَةٌ: لَوْ أَدَّاهَا رَبُّ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ: فَرَأْسُ الْمَالِ بَاقٍ، وَإِنْ أَدَّاهَا مِنْهُ: حُسِبَ مِنْ الْمَالِ وَالرِّبْحِ، عَلَى الصَّحِيحِ [مِنْ الْمَذْهَبِ] قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقَالَ: ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمَا، فَيَنْقُصُ رُبْعُ عُشْرِ رَأْسِ الْمَالِ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ: يُحْسَبُ مِنْ الرِّبْحِ فَقَطْ، وَرَأْسُ الْمَالِ بَاقٍ، وَجَزَمَا بِهِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ وِقَايَةٌ لِرَأْسِ الْمَالِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَالْحَوَاشِي، وَقَالَ فِي الْكَافِي: هِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ كَدَيْنِهِ، وَقِيلَ: إنْ قُلْنَا الزَّكَاةُ فِي الذِّمَّةِ: فَمِنْ الرِّبْحِ وَرَأْسِ الْمَالِ، وَإِنْ قُلْنَا: فِي الْعَيْنِ، فَمِنْ الرِّبْحِ فَقَطْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute