اسْتِغْرَاقِهِ بِالزَّكَاةِ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: فَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ فِي الذِّمَّةِ، وَإِمَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ بِأَنَّ الدَّيْنَ وَصْفٌ حُكْمِيٌّ لَا وُجُودَ لَهُ فِي الْخَارِجِ، فَتَتَعَلَّقُ زَكَاتُهُ بِالذِّمَّةِ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَلَكِنْ نَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ وَاحِدٍ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ فِي امْتِنَاعِ الزَّكَاةِ فِيمَا بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ.
الثَّانِيَةُ: تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِالْعَيْنِ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ بِلَا نِزَاعٍ، وَلَيْسَ بِمَانِعٍ مِنْ انْعِقَادِ الْحَوْلِ الثَّانِي ابْتِدَاءً، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَابْنِ عَقِيلٍ، وَنَقَلَ الْمَجْدُ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ فِي الْجَامِعِ. وَأَوْرَدَ عَنْ أَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ حَنْبَلٍ مَا يَشْهَدُ لَهُ، وَقِيلَ: إنَّهُ مَانِعٌ مِنْ انْعِقَادِ الْحَوْلِ الثَّانِي ابْتِدَاءً، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْمُذْهَبِ، وَالْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ، وَيَأْتِي مَعْنَى ذَلِكَ فِي الْخُلْطَةِ إذَا بَاعَ بَعْضَ النِّصَابِ. الثَّالِثَةُ: إذَا قُلْنَا: تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْعَيْنِ، فَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: يَتَعَلَّقُ بِهِ كَتَعَلُّقِ أَرْشِ جِنَايَةِ الرَّقِيقِ بِرَقَبَتِهِ، فَلَزِمَهُ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ بِبَيْعِ غَيْرِهِ، بِلَا إذْنِ السَّاعِي، كُلُّ النَّمَاءِ لَهُ، وَإِنْ أَتْلَفَهُ لَزِمَهُ قِيمَةُ الزَّكَاةِ دُونَ جِنْسِهِ، حَيَوَانًا كَانَ النِّصَابُ أَوْ غَيْرَهُ، وَلَوْ تَصَدَّقَ بِكُلِّهِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَلَمْ يَنْوِهَا، لَمْ يُجْزِهِ، وَإِذَا كَانَ كُلُّهُ مِلْكًا لِرَبِّهِ لَمْ يَنْقُصْ بِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ، بَلْ يَكُونُ دَيْنًا يَمْنَعُ الزَّكَاةَ كَدَيْنِ آدَمِيٍّ، أَوْ لَا يَمْنَعُ لِعَدَمِ رُجْحَانِهَا عَلَى زَكَاةِ غَيْرِهَا، بِخِلَافِ دَيْنِ الْآدَمِيِّ.
وَقِيلَ: بَلْ يَتَعَلَّقُ بِهِ كَتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالرَّهْنِ، وَبِمَالِ مَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِفَلْسِهِ، فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ قَبْلَ وَفَائِهِ أَوْ إذْنِ رَبِّهِ، وَقِيلَ: بَلْ كَتَعَلُّقِهِ بِالتَّرِكَةِ، قَالَ: وَهُوَ أَقْيَسُ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالثَّمَانِينَ: تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِالنِّصَابِ، هَلْ هُوَ تَعَلُّقُ شَرِكَةٍ أَوْ ارْتِهَانٍ، أَوْ تَعَلُّقُ اسْتِيفَاءٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute