أَخْرَجَهَا، مِنْهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ تَعَلُّقٌ قَهْرِيٌّ، وَيَنْحَصِرُ فِي الْعَيْنِ. فَهُوَ كَحَقِّ الْجِنَايَةِ وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُزَكَّى الْمَرْهُونُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيُخْرِجُهَا الرَّاهِنُ مِنْهُ بِلَا إذْنٍ إنْ عُدِمَ. كَجِنَايَةِ رَهْنٍ عَلَى دِيَتِهِ، وَقِيلَ: مِنْهُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: إنْ عُلِّقَتْ بِالْعَيْنِ. وَقِيلَ: يُزَكِّي رَاهِنٌ مُوسِرٌ، وَإِنْ أَيْسَرَ مُعْسِرٌ جَعَلَ بَدَلَهُ رَهْنًا، وَقِيلَ: لَا. انْتَهَى.
وَمِنْ الْفَوَائِدِ: التَّصَرُّفُ فِي النِّصَابِ أَوْ بَعْضِهِ بِبَيْعٍ، أَوْ غَيْرِهِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: صِحَّتُهُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ.
قَالَ الْأَصْحَابُ: وَسَوَاءٌ قُلْنَا الزَّكَاةُ فِي الْعَيْنِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ، وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ فِي الشَّافِي، إنْ قُلْنَا: الزَّكَاةُ فِي الذِّمَّةِ، صَحَّ التَّصَرُّفُ مُطْلَقًا، وَإِنْ قُلْنَا: فِي الْعَيْنِ، لَمْ يَصِحَّ التَّصَرُّفُ فِي مِقْدَارِ الزَّكَاةِ، قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ عَلَى قَوْلِنَا: إنَّ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ تَعَلُّقُ شَرِكَةٍ أَوْ رَهْنٍ، صَرَّحَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، قُلْت: تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الْفَائِدَةِ الثَّالِثَةِ قَرِيبًا، وَنَزَّلَ أَبُو بَكْرٍ هَذَا عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ الْمَنْصُوصَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ فِي الْمَرْأَةِ إذَا وَهَبَتْ زَوْجَهَا مَهْرَهَا الَّذِي لَهَا فِي ذِمَّتِهِ، فَهَلْ تَجِبُ زَكَاتُهُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا؟ قَالَ: فَإِنْ صَحَّحْنَا هِبَةَ الْمَهْرِ جَمِيعِهِ فَعَلَى الْمَرْأَةِ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ مِنْ مَالِهَا، وَإِنْ صَحَّحْنَا الْهِبَةَ فِيمَا عَدَا مِقْدَارَ الزَّكَاةِ قَدْرُ الزَّكَاةِ حَقٌّ لِلْمَسَاكِينِ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ فَيَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ إلَيْهِمْ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ بِالْهِبَةِ مَا عَدَاهُ، قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: وَهَذَا بِنَاءٌ غَرِيبٌ جِدًّا، وَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ بَاعَ النِّصَابَ كُلَّهُ، تَعَلَّقَتْ الزَّكَاةُ بِذِمَّتِهِ حِينَئِذٍ بِغَيْرِ خِلَافٍ كَمَا لَوْ تَلِفَ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ أَدَائِهَا، فَقَالَ الْمَجْدُ: إنْ قُلْنَا: الزَّكَاةُ فِي الذِّمَّةِ ابْتِدَاءً لَمْ يُفْسَخْ الْبَيْعُ، وَإِنْ قُلْنَا: فِي الْعَيْنِ فُسِخَ الْبَيْعُ فِي قَدْرِهَا، تَقْدِيمًا لَحِقَ الْمَسَاكِينِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْعِشْرِينَ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: تَتَعَيَّنُ فِي ذِمَّتِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ بِكُلِّ حَالٍ ثُمَّ ذَكَرَ احْتِمَالًا بِالْفَسْخِ فِي مِقْدَارِ الزَّكَاةِ مِنْ غَيْرً بِنَاءٍ عَلَى مَحَلِّ التَّعَلُّقِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute