للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَشَاةِ الصِّحَاحِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَالِ، فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا عَيْبُهُ كَشَاةِ الْفِدْيَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ، وَقِيلَ: تُجْزِئُهُ شَاةٌ صَحِيحَةٌ قِيمَتُهَا عَلَى قَدْرِ [قِيمَةِ] الْمَالِ تَنْقُصُ قِيمَتُهَا عَلَى قَدْرِ نَقْصِ الْإِبِلِ كَالْمُخْرَجَةِ عَنْ الْغَنَمِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ لِلْمُوَاسَاةِ [ثُمَّ رَأَيْت الْمُصَنِّفَ فِي الْمُغْنِي قَدَّمَهُ، وَكَذَلِكَ الشَّارِحُ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى] ، وَعَلَيْهَا لَا يُجْزِئُهُ شَاةٌ مَعِيبَةٌ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْمَالِ، وَقِيلَ: تُجْزِئُهُ شَاةٌ تُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ وَالْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ.

قَوْلُهُ {فَإِنْ أَخْرَجَ بَعِيرًا لَمْ يُجْزِئْهُ} هَذَا الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ، وَقِيلَ: يُجْزِئُهُ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ قِيمَةَ شَاةٍ وَسَطٍ فَأَكْثَرَ، بِنَاءً عَلَى إخْرَاجِ الْقِيمَةِ، وَقِيلَ: يُجْزِئُهُ إنْ أَجْزَأَ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ. وَإِلَّا فَلَا، فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ: هَلْ الْوَاجِبُ كُلُّهُ أَوْ خُمُسُهُ؟ حَكَى الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرِ وَجْهَيْنِ، فَعَلَى الثَّانِي: يُجْزِئُ عَنْ الْعِشْرِينَ بَعِيرًا، وَعَلَى الْأَوَّلِ: لَا يُجْزِئُ عَنْهَا إلَّا أَرْبَعَةُ أَبْعِرَةٍ، قُلْت: الْأَوْلَى أَنَّ الْوَاجِبَ كُلُّهُ، وَأَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ الْعِشْرِينَ [بَعِيرًا] عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، قُلْت: وَيَنْبَنِي عَلَيْهَا لَوْ اقْتَضَى الْحَالُ الرُّجُوعَ، فَهَلْ يَرْجِعُ بِكُلِّهِ أَوْ خُمُسِهِ؟ فَإِنْ قُلْنَا: الْجَمِيعُ وَاجِبٌ رَجَعَ. وَإِنْ قُلْنَا: الْوَاجِبُ الْخُمُسُ، وَالزَّائِدُ تَطَوُّعٌ رَجَعَ بِالْوَاجِبِ لَا التَّطَوُّعِ وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يَنْبَنِيَ عَلَيْهِ أَيْضًا: النِّيَّةُ، فَإِنْ جَعَلْنَا الْجَمِيعَ فَرْضًا نَوَى الْجَمِيعَ فَرْضًا لُزُومًا، وَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ الْخُمُسُ كَفَاهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ فِي النِّيَّةِ. انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>