قَالَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ: نَقَلَ حَنْبَلٌ تُضَمُّ كَالْمَوَاشِي؟ فَقَالَ: إذَا كَانَ رَجُلَيْنِ لَهُمَا مِنْ الْمَالِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ: فَعَلَيْهِمَا الزَّكَاةُ بِالْحِصَصِ، فَيُعْتَبَرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ اتِّحَادُ الْمُؤَنِ وَمَرَافِقِ الْمِلْكِ، فَيُشْتَرَطُ اشْتِرَاكُهُمَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِإِصْلَاحِ مَالِ الشَّرِكَةِ، فَإِنْ كَانَتْ فِي الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ فَلَا بُدَّ مِنْ الِاشْتِرَاكِ فِي الْمَاءِ وَالْحَرْثِ وَالْبَيْدَرِ وَالْعُمَّالِ مِنْ النَّاطُورِ وَالْحَصَادِ وَالدَّوَابِّ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي التِّجَارَةِ، فَلَا بُدَّ مِنْ الِاشْتِرَاكِ فِي الدُّكَّانِ، وَالْمِيزَانِ، وَالْمَخْزَنِ، وَنَحْوِهِ مِمَّا يُرْتَفَقُ بِهِ.
قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ لِلسَّاعِي أَخْذُ الْفَرْضِ مِنْ مَالِ أَيِّ الْخَلِيطَيْنِ شَاءَ، مَعَ الْحَاجَةِ وَعَدَمِهَا) يَعْنِي فِي خُلْطَةِ الْأَوْصَافِ، وَالْحَاجَةُ: أَنْ يَكُونَ مَالُ أَحَدِهِمَا صِغَارًا وَمَالُ الْآخَرِ كِبَارًا، أَوْ يَكُونُ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعِينَ أَوْ سِتِّينَ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَعَدَمُ الْحَاجَةِ وَاضِحٌ، وَهَذَا مِمَّا لَا نِزَاعَ فِيهِ فِي الْمَذْهَبِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، لَكِنْ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ قِسْمَةٍ فِي خُلْطَةِ أَعْيَانٍ مَعَ بَقَاءِ نَصِيبَيْنِ، وَقَدْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ، وَقَالَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: لَا يَأْخُذُ إلَّا إذَا كَانَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا مَفْقُودًا، فَلَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ مِنْ النَّصِيبِ الْمَوْجُودِ، وَيَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِالْقِسْطِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَا وَجْهَ لِمَا قَالَهُ الْقَاضِي إلَّا عَدَمُ الْحَاجَةِ، فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ: اعْتِبَارُ الْحَاجَةِ لِأَخْذِ السَّاعِي. قَوْلُهُ (فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ) . يَعْنِي مَعَ يَمِينِهِ إذَا اُحْتُمِلَ صِدْقُهُ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ غَارِمٌ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَتَوَجَّهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُعْطِي؛ لِأَنَّهُ كَالْأَمِينِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute