فَعَلَى هَذَا: لَوْ تَحَلَّى الرَّجُلُ بِحُلِيِّ الْمَرْأَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ اتَّخَذَ أَحَدُهُمَا حُلِيَّ الْآخَرِ قَاصِدًا لُبْسَهُ، أَوْ اتَّخَذَ أَحَدُهُمَا مَا يُبَاحُ لِمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ، أَوْ لِمَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ، وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ لِإِبَاحَةِ الصَّنْعَةِ فِي الْجُمْلَةِ، وَجَزَمَ فِي الْبُلْغَةِ فِي حُلِيِّ الْكِرَاءِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي مُبَاحِ الصِّنَاعَةِ، دُونَ الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ لِلتِّجَارَةِ، فَأَمَّا الْمُبَاحُ لِلتِّجَارَةِ: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ. نَصَّ عَلَيْهِ، فَعَلَى هَذَا: لَوْ كَانَ مَعَهُ نَقْدٌ مُعَدٌّ لِلتِّجَارَةِ، فَإِنَّهُ عَرَضٌ يُقَوَّمُ بِالْأَجْزَاءِ إنْ كَانَ أَحَظَّ لِلْفُقَرَاءِ، أَوْ نَقَصَ عَنْ نِصَابِهِ، وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: هَذَا ظَاهِرُ نَقْلِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، وَالْأَثْرَمِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَنَصَّ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ. قَالَ: فَصَارَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَأَظُنُّ هَذَا مِنْ كَلَامِ وَلَدِهِ. وَحَمَلَ الْقَاضِي بَعْضَ الْمَرْوِيِّ عَنْ أَحْمَدَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي بِالْأَوَّلِ إذَا كَانَ النَّقْدُ عَرَضًا.
قَوْلُهُ (إلَّا مَا كَانَ مُبَاحَ الصِّنَاعَةِ، فَإِنَّ الِاعْتِبَارَ فِي النِّصَابِ بِوَزْنِهِ وَفِي الْإِخْرَاجِ بِقِيمَتِهِ) الْأَشْهَرُ فِي الْمَذْهَبِ: أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي مُبَاحِ الصِّنَاعَةِ فِي الْإِخْرَاجِ بِقِيمَتِهِ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: هَذَا الْأَظْهَرُ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. قَالَ الْقَاضِي: هُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ " إذَا أَخْرَجَ عَنْ صِحَاحٍ مُكَسَّرَةً يُعْطِي مَا بَيْنَهُمَا " فَاعْتَبَرَ الصَّنْعَةَ دُونَ الْوَزْنِ، كَزِيَادَةِ الْقِيمَةِ لِنَفَاسَةِ جَوْهَرِهِ، وَقِيلَ: تُعْتَبَرُ الْقِيمَةَ فِي الْإِخْرَاجِ إنْ اُعْتُبِرَتْ فِي النِّصَابِ، وَإِنْ لَمْ تُعْتَبَرْ فِي النِّصَابِ لَمْ تُعْتَبَرْ فِي الْإِخْرَاجِ. قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. وَصَحَّحَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute