للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ: تُعْتَبَرُ الْمُعَاوَضَةُ سَوَاءٌ تَمَحَّضَتْ، كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَنَحْوِهِمَا أَوْ لَا، كَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ وَصُلْحٍ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ. قَالَ الْمَجْدُ: وَهَذَا نَصُّهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ: لَوْ مَلَكَ بِغَيْرِ عِوَضٍ، كَالْهِبَةِ وَالْغَنِيمَةِ وَنَحْوِهِمَا: لَمْ يَصِرْ لِلتِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ بِعِوَضٍ. أَشْبَهَ الْمَوْرُوثَ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ: وَإِنْ مَلَكَهُ بِفِعْلِهِ بِلَا عِوَضٍ، كَوَصِيَّةٍ وَهِبَةٍ مُطْلَقَةٍ وَغَنِيمَةٍ وَاحْتِشَاشٍ وَاحْتِطَابٍ وَاصْطِيَادٍ، أَوْ بِعِوَضٍ غَيْرِ مَالِيٍّ، كَدِيَةٍ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ وَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ زَادَ فِي الْكُبْرَى أَوْ بِعِوَضٍ مَالِيٍّ بِلَا عَقْدٍ، كَرَدٍّ بِعَيْبٍ أَوْ فَسْخٍ، أَوْ أَخْذِهِ بِشُفْعَةٍ فَوَجْهَانِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَعَنْهُ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْعِوَضِ نَقْدًا. ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً فِيمَا إذَا مَلَكَ عَرَضًا لِلتِّجَارَةِ بِغَرَضِ قِنْيَةٍ لَا زَكَاةٍ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَهِيَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ، وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: يَخْرُجُ مِنْهَا اعْتِبَارُ كَوْنِ بَدَلِهِ نَقْدًا أَوْ عَرَضَ تِجَارَةٍ.

فَوَائِدُ. إحْدَاهَا: مَعْنَى " نِيَّةِ التِّجَارَةِ " أَنْ يَقْصِدَ التَّكَسُّبَ بِهِ بِالِاعْتِيَاضِ عَنْهُ لَا بِإِتْلَافِهِ، أَوْ مَعَ اسْتِبْقَائِهِ، فَإِذَا اشْتَرَى صَبَّاغٌ مَا يَصْبُغُ بِهِ وَيَبْقَى، كَزَعْفَرَانٍ وَنِيلٍ وَعُصْفُرٍ وَنَحْوِهِ، فَهُوَ عَرَضُ تِجَارَةٍ يُقَوِّمُهُ عِنْدَ حَوْلِهِ. كَذَا لَوْ اشْتَرَى دَبَّاغٌ مَا يَدْبُغُ بِهِ، كَعَفْصٍ وَقَرْضٍ، وَمَا يُدْهَنُ بِهِ، كَسَمْنٍ وَمِلْحٍ. ذَكَرَهُ ابْنُ الْبَنَّا، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: لَا زَكَاةَ فِيهِ، وَقَالَ أَيْضًا: لَا زَكَاةَ فِيمَا لَا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ، كَالْحَطَبِ وَالْمِلْحِ وَالصَّابُونِ وَالْأُشْنَانِ وَالْقُلِّ وَالنُّورَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

الثَّانِيَةُ: لَا زَكَاةَ فِي آلَاتِ الصَّبَّاغِ، وَأَمْتِعَةِ النَّجَّارِ، وَقَوَارِيرِ الْعَطَّارِ وَالسَّمَّانِ وَنَحْوِهِمْ، إلَّا أَنْ يُرِيدُوا بَيْعَهَا بِمَا فِيهَا، وَكَذَا آلَاتُ الدَّوَابِّ إنْ كَانَتْ لِحِفْظِهَا، وَإِنْ كَانَ بَيْعُهَا مَعَهَا فَهِيَ مَالُ تِجَارَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>