وَعَنْهُ لَا يُقَوَّمُ نَقْدٌ بِنَقْدٍ آخَرَ، بِنَاءً عَلَى قَوْلِنَا: لَا يُبْنَى حَوْلُ نَقْدٍ عَلَى حَوْلِ نَقْدٍ آخَرَ، فَيُقَوَّمُ بِالنَّقْدِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ.
فَوَائِدُ. الْأُولَى: مَا قَوَّمَهُ بِهِ لَا عِبْرَةَ بِتَلَفِهِ إلَّا قَبْلَ التَّمَكُّنِ. فَعَلَى مَا سَبَقَ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الزَّكَاةِ: وَلَا عِبْرَةَ أَيْضًا بِنَقْصِهِ بَعْدَ تَقْوِيمِهِ وَلَا بِزِيَادَتِهِ إلَّا قَبْلَ التَّمَكُّنِ، فَإِنَّهُ كَتَلَفِهِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا لَمْ تُؤَثِّرْ الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّهُ كَنِتَاجِ الْمَاشِيَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ بَلَغَتْ قِيمَةُ الْعُرُوضِ بِكُلِّ نَقْدٍ نِصَابًا قُوِّمَ بِالْأَنْفَعِ لِلْفُقَرَاءِ عَلَى الصَّحِيحِ، صَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمَا، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفِ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقِيلَ: يُخَيَّرُ. قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَابْنُ تَمِيمٍ. وَقَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، إلَّا أَنَّهُ قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ فِي الْخُطْبَةِ، وَقِيلَ: يُقَوَّمُ بِفِضَّةٍ. الثَّالِثَةُ: لَوْ اتَّجَرَ فِي الْجَوَارِي لِلْغِنَاءِ قَوَّمَهُنَّ سَوَاذِجَ، وَلَوْ اتَّجَرَ فِي الْخُصْيَانِ قَوَّمَهُمْ عَلَى صِفَتِهِمْ، وَلَوْ اتَّجَرَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَمْ يُنْظَرْ إلَى الْقِيمَةِ، وَهُوَ عَاصٍ بِذَلِكَ، بَلْ تَحْرِيمُ الْآنِيَةِ أَشَدُّ مِنْ تَحْرِيمِ اللِّبَاسِ. لِتَحْرِيمِهَا عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. وَالْخِرَقِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ، وَمُرَادُهُ: التَّحْرِيمُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ " وَالْمُتَّخِذُ آنِيَةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عَاصٍ، وَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ " وَذَلِكَ مُصْطَلَحُ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي إطْلَاقِهِمْ " الْكَرَاهَةَ " وَإِرَادَتِهِمْ التَّحْرِيمَ، وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ فِي إرَادَةِ الْخِرَقِيِّ ذَلِكَ، وَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ: أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَصْحَابِنَا، وَفِي جَامِعِ الْقَاضِي وَالْوَسِيلَةِ: ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ.
تَنْبِيهٌ: تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ ضَمُّ الْعُرُوضِ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ النَّقْدَيْنِ، وَضَمُّ النَّقْدَيْنِ إلَى الْعُرُوضِ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ وَنَحْوِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute