وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: لَمْ تَدْخُلْ الْفِطْرَةُ فِيهَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، فَعَلَى هَذَا: أَيُّهُمَا عَجَزَ عَمَّا عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْ الْآخَرَ قِسْطُهُ، كَشَرِيكٍ ذِمِّيٍّ لَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ قِسْطُهُ، فَإِنْ كَانَ يَوْمُ الْعِيدِ نَوْبَةَ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ نِصْفُهُ مَثَلًا اُعْتُبِرَ أَنْ يَفْضُلَ عَنْ قُوتِهِ نِصْفُ صَاعٍ، وَإِنْ كَانَ نَوْبَةَ سَيِّدِهِ: لَزِمَ الْعَبْدَ نِصْفُ صَاعٍ، وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ مُؤْنَتَهُ عَلَى غَيْرِهِ. قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا، وَقِيلَ: تَدْخُلُ الْفِطْرَةُ فِي الْمُهَايَأَةِ. بِنَاءً عَلَى دُخُولِ كَسْبٍ نَادِرٍ فِيهَا كَالنَّفَقَةِ.
فَلَوْ كَانَ يَوْمُ الْعِيدِ نَوْبَةَ الْعَبْدِ وَعَجَزَ عَنْهَا: لَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، كَمُكَاتَبٍ عَجَزَ عَنْ الْفِطْرَةِ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَقُلْت: تَلْزَمُهُ إنْ وَجَبَتْ بِالْغُرُوبِ فِي نَوْبَتِهِ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ مُتَوَجَّهٌ، وَإِنْ كَانَتْ نَوْبَةُ السَّيِّدِ، وَعَجَزَ عَنْهَا: أَدَّى الْعَبْدُ قِسْطَ حُرِّيَّتِهِ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عَلَيْهِ بِطَرِيقِ التَّحَمُّلِ، كَمُوسِرَةٍ تَحْتَ مُعْسِرٍ، وَقِيلَ: لَا تَلْزَمُهُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ عَجَزَ زَوْجُ الْمَرْأَةِ عَنْ فِطْرَتِهَا، فَعَلَيْهَا، أَوْ عَلَى سَيِّدِهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً؛ لِأَنَّهُ كَالْمَعْدُومِ) ، وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَجِبَ، وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ كَالنَّفَقَةِ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَإِنْ أَعْسَرَ زَوْجُ الْأَمَةِ، فَهَلْ تَجِبُ عَلَى سَيِّدِهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ
فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ الثَّانِي: هَلْ تَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ كَالنَّفَقَةِ، أَمْ لَا؟ كَفِطْرَةِ نَفْسِهِ. يَتَوَجَّهُ احْتِمَالَيْنِ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ.
قُلْت: الْأَوْلَى السُّقُوطُ، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute