وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تُجْزِئُهُ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: فَإِنْ أَخْرَجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَنِيَّتِهِ، فَوَجْهَانِ.
تَنْبِيهٌ: مَأْخَذُ الْخِلَافِ هُنَا: مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَنْ لَزِمَتْهُ فِطْرَةُ غَيْرِهِ، هَلْ يَكُونُ مُتَحَمِّلًا عَنْهُ أَوْ أَصِيلًا؟ فِيهِ وَجْهَانِ تَقَدَّمَا. ذَكَرَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمْ. وَذَكَرَ فِي الرِّعَايَةِ الْمَسْأَلَةَ، وَقَالَ إنْ أَخْرَجَ عَنْ نَفْسِهِ جَازَ، وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ: إنْ قُلْنَا الزَّوْجُ وَالْقَرِيبُ مُتَحَمِّلَانِ: جَازَ، وَإِنْ قُلْنَا هُمَا أَصِيلَانِ: فَلَا، فَظَاهِرُهُ: أَنَّ الْمُقَدَّمَ عِنْدَهُ عَدَمُ الْبِنَاءِ.
فَوَائِدُ. إحْدَاهَا: لَوْ لَمْ يُخْرِجْ مَنْ لَزِمَتْهُ فِطْرَةُ غَيْرِهِ عَنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ: لَمْ يَلْزَمْ الْغَيْرَ شَيْءٌ وَلِلْغَيْرِ مُطَالَبَتُهُ بِالْإِخْرَاجِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ. مِنْهُمْ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ كَنَفَقَتِهِ، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِهَا، وَلَا افْتِرَاضُهَا عَلَيْهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: هَلْ تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ فِيهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ، وَابْنُ تَمِيمٍ.
قُلْت: الصَّوَابُ لَا، اكْتِفَاءً بِنِيَّةِ الْمُخْرِجِ. الثَّانِيَةُ: لَوْ أَخْرَجَ عَمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ فِطْرَتُهُ بِإِذْنِهِ أَجْزَأَ، وَإِلَّا فَلَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْآجُرِّيُّ: هَذَا قَوْلُ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ. الثَّالِثَةُ: لَوْ أَخْرَجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ: لَمْ تُجْزِهِ مُطْلَقًا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَلَعَلَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَقِيلَ: إنْ مَلَّكَهُ السَّيِّدُ مَالًا وَقُلْنَا: يَمْلِكُهُ فَفِطْرَتُهُ عَلَيْهِ مِمَّا فِي يَدِهِ، فَيُخْرِجُ الْعَبْدُ عَنْ عَبْدِهِ مِمَّا فِي يَدِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute