فَلَعَلَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِيَارَانِ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: هَلْ يُجْزِئُ اللَّبَنُ غَيْرُ الْمَخِيضِ وَالْجُبْنُ، أَوْ لَا يُجْزِئَانِ؟ أَوْ يُجْزِئُ اللَّبَنُ دُونَ الْجُبْنِ، أَوْ عَكْسُهُ؟ أَوْ يُجْزِئَانِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَقِطِ؟ فِيهِ أَقْوَالٌ، وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَأَطْلَقَ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَأَطْلَقَ الْأُولَيَيْنِ: الزَّرْكَشِيُّ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: إجْزَاءُ اللَّبَنِ، دُونَ الْجُبْنِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَاَلَّذِي وُجِدَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: أَنَّهُ قَالَ " يُرْوَى عَنْ الْحَسَنِ صَاعُ لَبَنٍ؛ لِأَنَّ الْأَقِطَ رُبَّمَا ضَاقَ " فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْجُبْنِ. انْتَهَى.
قُلْت: الْجُبْنُ أَوْلَى مِنْ اللَّبَنِ، وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: احْتِمَالٌ فِي الرِّعَايَةِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفُرُوعِ، وَقَالَ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ: إذَا قُلْنَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْأَقِطِ مُطْلَقًا، فَإِذَا عَدِمَهُ أَخْرَجَ عَنْهُ اللَّبَنَ. قَالَ الْقَاضِي: إذَا عَدِمَ الْأَقِطَ وَقُلْنَا: لَهُ إخْرَاجُهُ جَازَ إخْرَاجُ اللَّبَنِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ: إذَا لَمْ يَجِدْ الْأَقِطَ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُولُ يُجْزِئُ وَأَخْرَجَ عَنْهُ اللَّبَنَ: أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ الْأَقِطَ مِنْ اللَّبَنِ؛ لِأَنَّهُ لَبَنٌ مُجَمَّدٌ مُجَفَّفٌ بِالْمَصْلِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَقَالَ: لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِنْهُ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ: أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ اللَّبَنُ بِحَالٍ، وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَإِذَا قُلْنَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْأَقِطِ: لَمْ يَجُزْ إخْرَاجُ اللَّبَنِ مَعَ وُجُودِهِ، وَيُجْزِئُ مَعَ عَدَمِهِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لَا يُجْزِئُ.
قَوْلُهُ (وَلَا يُجْزِئُ غَيْرُ ذَلِكَ) يَعْنِي إذْ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَجْنَاسِ الَّتِي ذَكَرَهَا لَمْ يُجْزِئْهُ غَيْرُهَا، وَإِنْ كَانَ يَقْتَاتُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَيَأْتِي كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ قَرِيبًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute